شخص الكواكبي قبل قرن من الزمان داء الاستبداد السياسي في كتابه "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" كما وصف أقبح أنواعه: استبداد الجهل على العلم واستبداد النفس على العقل. يعيش بعض رعايا الدول العربية (ذات الأنظمة الشمولية) عرايا من حقوقهم، وبدأ مؤخراً سقوط ورقة التوت عن الحكومات الدكتاتورية بفضل قوة انتشار الإعلام (الميديا) وتكنولوجيا الاتصالات التي كسرت احتكار المعلومة والصورة لتصل للناس، وباتت الأحداث متصلة، ولم يعلم التونسي بوعزيزي أن يأسه أضرم فتيل الثورات في كل جسد الأمة العربية قبل أن يشعلها في جسده. فبعد تونس ومصر اليوم، نرى القذافي (دون كيشوت) يحارب طواحين شعبه وأوهامه جعلته ينعت شعبه بالجرذان، والمهلوسين. وفي اليمن ينعت الرئيس المعارضة بالأيادي العابثة والمريضة والفاسدة. وسوريا اليوم تقف على مهب ريح الثورة بعد أربعة عقود من مصادرة الحريات العامة، وتنعت المتظاهرين بالمندسين والعصابات. هناك خطوط ديموغرافية واقتصادية وسياسية وبنيوية مشتركة بين الدول المنتفضة في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا والأردن، وهي أن اقتصادياتها مشلولة بنسب البطالة المتزايدة فيها، والتي تجاوزت حد 15 في المئة، بينما بات الفساد كالسرطان يأكل بنيانها. نحن أمام خيارين، فإما أن تجهض الثورات العربية نتيجة فقدان البصيرة وإما أننا أمام مرحلة جديدة من الديمقراطيات الناشئة، التي سيكون على الدول الغربية وإسرائيل أن تتبنى معايير أعلى في التفاهم معها بعد أن تخرج الشعوب من جلباب الاستبداد. جانبي فروقة- دبي