يمثل الإنفاق على التعليم أحد أهم بنود ميزانيّات الأسر، ليس في دولة الإمارات فقط، ولكن في دول العالم جميعها أيضاً، لما يحتلّه التعليم من أهمية كمتطلب ضروري لبناء الكوادر البشرية، وتأهيلها للمشاركة في أسواق العمل، ومن ثم الحصول على الدخل، الذي يصبّ بدوره في جانب الإيرادات في الميزانية نفسها الخاصة بالأسرة، بمعنىً آخر، فالتعليم بجانب أنه يمثّل أهم المدخلات والقنوات التي يبنى من خلالها المكوّن المعرفي لشخصية الفرد، ومن ثم ثقافة المجتمع كله، فهو كذلك يمكن وصفه بالاستثمار الذي تقوم به الأسر بهدف تزويد أبنائها بالمهارات والخبرات في الحاضر، بما يعود عليها في ما بعد بدخول تعينها على الوفاء باحتياجاتها اليوميّة، وتحسين مستوياتها المعيشية في المستقبل. الدور المهمّ الذي يلعبه التعليم كإحدى آليات استقرار حياة الأسر، وبناء اقتصاد الدول وثقافة المجتمعات وموروثها المعرفي، يجعل من قضية توافر التعليم الجيد، منخفض التكلفة، غير المرهق لميزانية الأسر، واحدة من أهم القضايا التي تحوز الاهتمام اليوميّ للأفراد في مختلف المجتمعات، بما فيها من مجتمعات متقدّمة، ومجتمعات صاعدة، ومجتمعات نامية. وانطلاقاً من وعي دولة الإمارات التام بهذه المعطيات والقضايا، فهي تضع تطوير التعليم من بين أهم أولوياتها، وتخصّص له من مجمل استثماراتها نسبة لا يستهان بها، باعتباره من وجهة نظرها أحد أهمّ محاور التنمية الشاملة والمستدامة التي تسعى إلى إدراكها، وفي هذا الإطار فقد استحوذ التعليم على نحو 22.5 في المئة من إجماليّ الموازنة العامة الاتحادية للدولة في عام 2010. لا تقتصر جهود دولة الإمارات، في ما يتعلّق بتوفير التعليم الجيد لسكانها، على مجرد الإنفاق الماليّ، بل تسعى الدولة بشكل مستمر إلى إيجاد نوع من التوافق بين الأطر التنظيمية والمعايير المطبّقة في العملية التعليمية في نظامها التعليمي من ناحية، وتلك الأطر والمعايير المطبّقة على المستوى العالمي من ناحية أخرى، بما يضمن أن يكون خريجو النظام التعليمي الإماراتي على المستوى نفسه من المهارات والخبرات التي يمتلكها خرّيجو نظم التعليم في دول العالم الأخرى، خاصة دول العالم المتقدّم. وعلى الجانب الآخر هناك حرص تام من قبل دولة الإمارات على توفير خدمات التعليم بتكاليف في متناول مختلف شرائح المجتمع، لكي يحصل كل منها على القسط المناسب من التعليم، بما يمكّنها من المشاركة الفعّالة في تنمية المجتمع الذي تعيش فيه، وبما يساعدها على تحسين مستواها المعيشيّ، والاستفادة من عوائد التنمية في هذا المجتمع أيضاً. وفي هذا الإطار تعمل "لجنة التعليم الخاص" التابعة لـ "وزارة التربية والتعليم" في الوقت الحالي على دراسة هيكل رسوم المدارس الخاصة على مستوى الدولة كلّها، ومدى استيفائها المعايير المتعارف عليها في هذا الشأن، وصولاً في النهاية إلى وضع آليّة لضبط هذه الرسوم، وربطها بعدد من الشروط، وهو المطلب الذي يلاقي استحسان أولياء أمور الطلاب فضلاً عن فئات سكان المجتمع الإماراتيّ جميعها، لما يحققه هذا المطلب من أهداف تتضمّن حصول أفراد المجتمع على التعليم الجيد من ناحية، وأن تكون تكاليف هذا التعليم غير مرهقة لميزانيات الأسر من ناحية أخرى، وأن تضمن من ناحية ثالثة عدم الضغط على اقتصادات التعليم الخاص، ليبقى الاستثمار في التعليم إحدى وجهات الاستثمار المفضّلة لدى المستثمرين المحليين والأجانب، ليضمن ذلك في النهاية الإبقاء على دور مؤسسات التعليم الخاصة الداعم لدور المؤسسات التعليمية الحكومية في النهوض بالعملية التعليمية في الدولة بوجه عام. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية