تحقق لأهل الجنوب السوداني أخيراً ما أرادوه، أو بالأحرى ما أرادته قيادة "الحركة الشعبية" الحاكمة هناك، وهو الانفصال عن السودان وإنشاء دولة مستقلة في الجنوب. وبالطبع فإن مطلب الانفصال وجد خلال الأعوام الأخيرة أكبر وأقوى روافعه في النفط الذي أسال الكثير من لعاب القادة الجنوبيين، إذ قدروا أنه يجب أن يكون لهم وحدهم دون باقي أهل السودان، ومن ثم فسيتحول إقليمهم إلى جنة نفطية من الرخاء والثراء اللذين لا مثيل لهما. لكن العارفين بالسودان، وعلى الخصوص بتركيبة المجتمع الجنوبي، حذّروا من أنه لن تكون للدولة الجديدة حظوظ كبيرة من الاستقرار والرسوخ، وذلك لما في نسيجها الاجتماعي من تنافرات وحزازات وصراعات وثارات، كانت الحرب مع الشمال بمثابة آلة تبريد لها طيلة العقود الثلاثة الأخيرة، إذ ما أن يجد الجنوبيون أنفسهم وجهاً لوجه حتى تستيقظ الثارات العرقية والقبلية والحزبية التي لا طائل من ورائها... وهذا ما أثبتته الأحداث الدموية التي تفجرت عقب إعلان نتيجة الاستفتاء مباشرة، منذرة بما هو قادم في الأفق! عثمان حيدر -السودان