عندما تضع الدول والبلدان أعينها على هدف ينطوي على تحسين القدرات التنافسية لاقتصادها بين باقي اقتصادات العالم أو أن تضع أعينها على غاية تقضي بجعل نفسها مركزاً للتجارة والأعمال على مستوى العالم، فإنها ستكون مطالبة بتطوير مناخها الاستثماري وتوفير الكثير من المحفّزات للمستثمرين، وتطوير بناها التحتية الداخلية بما يلبّي احتياجات جميع الأنشطة الاقتصادية القائمة على أراضيها باختلاف أنواعها ومتطلباتها، مع الاهتمام بشكل استثنائي بتطوير البنى التحتية للموانئ والمطارات لمساعدة هذه الأنشطة على الوصول إلى الأسواق الخارجية من ناحية ومساعدة المستثمرين الأجانب على الدخول من الأسواق المحلية والخروج منها بسهولة تامة. وكلما نجحت الدولة في بناء شبكة متينة ومتطورة من المرافق التي تربطها بالاقتصادات الإقليمية والعالمية استطاعت أن تدرك أهدافها وغاياتها في ما يتعلّق بتحسين القدرات التنافسية والتحوّل إلى مركز عالمي للتجارة والأعمال. من إدراك راسخ لهذه الحقيقة توجّه إمارة أبوظبي اهتماماً كبيراً نحو تطوير البنى التحتيّة للمطارات والموانئ، وهو ما انعكس على سلوكياتها لدى تطوير مطاراتها المدنية عبر استقطاب التكنولوجيات الأكثر تطوراً في مجال تشغيل المطارات وإدارتها على مستوى العالم، ففي إطار مشروع توسعة "مطار أبوظبي الدولي"، الذي تنفّذه حكومة الإمارة بالتعاون مع شركة "مطار ميونيخ الدولي" المشاركة، فقد تم استقدام أحدث البرامج المتخصصة في مجال تشغيل المطارات في العالم، ليكون هذا المبنى الجديد ومن ثم "مطار أبوظبي الدولي" بوجه عام أحد أكثر المطارات تطوراً على مستوى العالم. وإن كان تطوير المطارات يمثّل خطوة مهمة على طريق تسهيل حركة الأفراد بمن فيهم السائحون أو العاملون أو أصحاب الأعمال من الإمارة وإليها، أو ما يمكن أن يطلق عليه "حركة العنصر البشري" من الإمارة وإليها، هذا بخلاف حركة الشحن الجوي، فإن حكومة أبوظبي تبذل جهداً مماثلاً أيضاً في تطوير الموانئ البحرية، وهي تحرص بشكل دائم على أن تكون موانئها ضمن الموانئ الأكثر تطوراً على مستوى العالم، بما يضمن الحركة المرنة والسهلة للبضائع والسلع من الدولة وإليها، أو ما يمكن أن يطلق عليه "حركة التجارة في السلع" بين الأسواق المحلية للإمارة من ناحية والأسواق الخارجية من ناحية أخرى. وفي هذا الإطار فقد أوضحت بعض البيانات التي تعود إلى مؤسسة "سي تريد" الهولندية أن إمارة أبوظبي تخصص نحو 26.5 مليار درهم (7.2 مليار دولار) حالياً كاستثمارات صافية لإنشاء المرحلة الأولى من مشروع "ميناء خليفة" و"منطقة خليفة الصناعية" الملحقة بها، وهي المرحلة التي يتوقع أن ينتهي العمل فيها بنهاية العام المقبل، وستبلغ الطاقة الاستيعابية للمرحلة الأولى لـ "ميناء خليفة" نحو مليوني حاوية سعة 20 قدماً، ونحو 12 مليون طن من السلع والبضائع. وتعدّ إمارة أبوظبي، وفقاً لهذه الاستثمارات الضخمة، واحدة من أكبر البلدان استثماراً في أغراض تطوير البنى التحتية للموانئ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن لم يكن في العالم أجمع، فهي تستحوذ بمفردها على نحو 15.5 في المئة من إجمالي الاستثمارات الموجّهة إلى الغرض نفسه في المنطقة، التي تقدر بنحو 46.5 مليار دولار، ويأتي هذا الاهتمام الاستثنائي لإمارة أبوظبي بتطوير البنى التحتية للموانئ كجزء من الاهتمام الكبير لدولة الإمارات كلها بهذا القطاع، الذي ساعد الدولة على الاستحواذ على النصيب الأكبر من حركة الشحن والتجارة على المستوى الإقليمي. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية