رعت منظمة الدائرة الإسلامية للإعانة في أميركا الشمالية، الشهر الماضي، حفل عشاء خيري في يوربا ليندا بكاليفورنيا، بهدف جمع الأموال لدور رعاية النساء والإعانة ضد الجوع في كافة أنحاء الولايات المتحدة. ووصلت العائلات إلى موقع الحفل، وحاول أفرادها البقاء ساكنين في وجه الصيحات والأوصاف النابية التي كالها لهم محتجّون غاضبون. ويعرض شريط الفيديو الذي شوهد بشكل واسع ما حدث دون حاجة للتعليق. وتعتبر الاحتجاجات السلمية حقاً مدنياً مشروعاً. لكن الكلام اللاذع الذي تعرّض له الحضور أثناء الحفل المذكور يشكل أحد أعراض مرض أوسع. فهو لا يشير إلى مجرد فجوة في التفاهم، وإنما إلى نوع من جنون الريبة يظهر في عبارات المتظاهرين، وفي خطابات المشرعَيْن الأميركيين "إد رويس" و"غاري ميللر"، إضافة إلى ديبرا بولي المستشارة القانونية لفيلا بارك. في البداية، كانت المظاهرة الاحتجاجية -وهي برعاية جماعة محلية محافظة اسمها "تصرَّف من أجل أميركا"، ومعها منظمة "أوقفوا أسلمة أميركا" التي أسستها باميلا غيللر- ضد خطيب واحد في حفل الهيئة الخيرية. لكن مواقف المتظاهرين وكلماتهم الممتلئة كراهية للمسلمين، أحدثت حالة من الهيجان والصخب. وما زالت صدمة ذلك الفعل واضحة وملموسة؛ فقد أرسل أناس من كافة الأديان والخلفيات عبر الولايات المتحدة أعداداً كبيرة من الرسائل الإلكترونية إلى مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية في منطقة لوس أنجلوس الكبرى تعبر عن الدعم، وبكى البعض وهم يُظهِرون تضامنهم مع الأميركيين المسلمين. وتلت الرسائل القلبية أسئلة مؤثرة: "ماذا أستطيع أن أفعل؟ أريد فعل شيء، لكني لا أدري من أين أبدأ". وشكّلت الاحتجاجات عاملاً مساعداً للحوار، حيث أصبح بإمكان هؤلاء الذين عملوا معاً، عبر طوائف ومجتمعات دينية متنوعة، جمع الناس من أجل حوار حقيقي. كان الأميركيون المسلمون على علم بتصاعد الطرح الاستعدائي ضدهم منذ 11 سبتمبر، لكن بعد أن انتشر شريط الفيديو عن الاحتجاجات على شبكة اليوتيوب، وقتها فقط قرر هؤلاء الذين جلسوا على السياج أنهم نالوا ما يكفي. ليس الأميركيون جماعة تشكل وحدة واحدة، بل أمة متنوعة تستطيع العمل معاً. وهناك خطوات يمكن اتخاذها من قبل المواطنين المهتمين، مثل إشراك السلطات المحلية في العمل من أجل تحقيق تغيير إيجابي، والاتصال بأعضاء الكونغرس ليعرفوا بأن قاعدتهم الانتخابية مكوّنة من أصوات متنوعة، ومد يد التواصل إلى أماكن ومنظمات إسلامية لتشجيع الامتداد بين المجتمعات المتنوعة. وينظّم مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية هذا الربيع مؤتمراً لتوفير مهارات القيادة الضرورية لتشجيع الانخراط المدني بين الأميركيين المسلمين. ويمكن لبرامج كهذه أن تشكل نموذجاً في كافة مدن أميركا، يعمل من خلالها أناس من خلفيات متنوعة على بناء مجتمع متوازن. قال الرئيس الراحل كيندي ذات مرة: "إن رد أميركا على الرجل غير المتسامح، في نهاية المطاف، هو التنوع، ذلك التنوع الذي استلهمه تراثنا من الحرية الدينية". لقد كان المسلمون الأميركيون جزءاً من النسيج الأميركي منذ القرن الثامن عشر، وهم مستمرون في المساهمة بهذا المجتمع. وللأميركيين المسلمين تمثيل جيد في القوات المسلّحة، وهم يعملون كمهندسين وأطباء ومدرّسين. لا يمكن ضمان بقاء أميركا نموذجاً للأمة المنصهرة إلا عندما يُنظَر إلى المسلمين الأميركيين كجيران يمكن التشارك معهم، وليسوا كأناس خارجيين يمكن الصراخ ضدهم أو حتى تجنبهم. عادل سيد ولانا داوود منسقان في مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند"