لقد أثارت الصور المبثوثة عن كارثة "التسونامي"، التي ضربت اليابان مؤخراً، مخاوف البعض من سكان الساحل الغربي الأميركي من أن تحدث كارثة مشابهة هنا في ساحلهم. وللأسف فإن الإجابة عن هذا السؤال هي "بلى". ذلك أن الساحل الغربي الأميركي يظل عرضة لحدوث نوعين مدمرين من التسونامي فيه. أولهما تتسبب به الزلازل التي ربما تحدث بعيداً جداً عن الساحل نفسه. وفي نصف القرن الماضي، تعرض هذا الساحل لموجات "تسونامي" ضعيفة نجمت عن هزات أرضية وقعت في تشيلي وألاسكا وجزر كوريل الروسية، إضافة إلى ارتفاع مياه المحيط الأطلسي بسبب التسونامي الياباني الأسبوع الماضي. وسوف تواصل موجات التسونامي التي تحدث بعيداً جداً تأثيرها على الساحل الغربي الأميركي، خاصة ً إذا ما أخذنا في الاعتبار بمسببات الزلازل المتعددة لمنطقة المحيط الهادي. ولكن لحسن الحظ أن هذه الزلازل توفر فرصة أفضل للتحذير من خطرها. فعلى سبيل المثال، لحق "التسونامي" مباشرة الهزات الأرضية التي ضربت اليابان، بينما استغرق ارتفاع المياه الذي حدث هناك عدة ساعات قبل أن نشعر بتأثيره هنا في الساحل الغربي. وبذلك فقد توفر وقت كاف لسكان الساحل كي يغادروا مناطق الخطر التي يمكن أن تغمرها المياه. ولكن هناك نوعاً آخر من "التسونامي" المحتمل -على رغم ندرة حدوثه- وهو ذلك الذي يصل إلى المناطق التي يؤثر عليها خلال دقائق فحسب. ففي جنوب كاليفورنيا تتوفر أدلة جيولوجية على أنواع "تسونامي" تتسبب بها هزات أرضية تحدث نتيجة انهيارات أرضية تحدث في قاع المحيط. أما سكان شمال كاليفورنيا فتهددهم الزلازل التي يتكرر حدوثها في حوض كاسكاديا، وهي منطقة هزات أرضية تمتد من كيب ميندوسينو في شمال كاليفورنيا وحتى "بريتش كولومبيا" جنوباً. وفيما لو حدث زلزال وتسونامي في حوض كاسكاديا هذا، فليس مستبعداً أن يحدث هذا دماراً مشابهاً لذلك الذي شهدته منطقة شمال غربي المحيط الباسيفيكي، كما رأيناها في اليابان الأسبوع الماضي. ذلك أن في وسع هذا الحوض الزلزالي التسبب بهزة يبلغ مقدارها 9.0 درجات، إضافة لاحتمال حدوث زلزال محلي يمكن له إغراق مجتمعات الساحل الغربي في دقائق معدودة. ويقطن هذه المنطقة عشرات الآلاف من السكان الساحليين، بينما يزورها سنوياً مئات الآلاف من السياح. وقد أُبلغ المقيمون في منطقة الحوض الزلزالي بمغادرة منازلهم فوراً، إثر علمهم بالمسببات الطبيعية للتسونامي -حدوث هزات أرضية كبيرة، يعقبها مباشرة انحسار سريع للمياه من الشريط الساحلي- دون انتظار صدور تحذير رسمي من خطر التسونامي. هذا ويصعب التنبؤ بالموعد الذي يمكن أن يحدث فيه زلزال في منطقة حوض كاسكاديا هذه، غير أن المرة الأخيرة التي حدث فيها كان قبل 113 عاماً، أما المدد الفاصلة بين هذه الأنشطة الزلزالية، فقد تلاحظ أنها قصرت جداً، ولم تعد أكثر من حوالي قرنين. وعليه يمكن القول إننا بتنا في مواجهة كارثة زلزال وتسونامي محتملة ومشابهة لما شهدته اليابان الأسبوع الماضي. يذكر أن "المجلس القومي للبحوث"، قد راجع مؤخراً نظام الإنذار من خطر التسونامي ومدى درجة استعدادنا لمثل هذا الخطر، ولاحظ حدوث تقدم كبير في هذا المجال. فهناك مركزان مزودان بالنظم اللازمة لاستخدام المعلومات الزلزالية بهدف تحديد الهزات الأرضية التي تتسبب بالتسونامي. كما نصبت مجسات فوق سطح البحر بغية قياس ومراقبة ارتفاع مستوى المياه عند مرور موجات التسونامي بها. وفي معظم المناطق الساحلية اكتملت خرائط إخلاء مناطق الخطر من السكان، أو اقترب العمل فيها من نهايته. وفي الوقت نفسه تستمر توعية السكان بكيفية الاستعداد والاستجابة لموجات التسونامي المحلية والبعيدة معاً. كما تعمل نظم قياس التعرض للخطر على تحديد المواقع السياحية الساحلية، وإحصاء عدد الذين يعملون في مناطق الخطر البحري، فضلاً عن حساب الوقت الذي يلزمهم للوصول إلى المناطق العالية التي تنجيهم من خطر التسونامي. وتناقش بعض المجتمعات الساحلية خيارات النجاة الرئيسية، بما فيها المباني العالية المصممة خصيصاً لمواجهة خطر التسونامي. لكن وعلى رغم التقدم الذي حققته جهود الاستعداد هذه، فإننا لا نزال بحاجة إلى فعل المزيد من أجل الاستعداد الأفضل لخطر التسونامي في المستقبل. فأمتنا بحاجة إلى نظام قومي شامل لقياس خطر التسونامي، بما يساعد على وضع وتحديد أولويات تمويل نظم الإنذار والتوعية السكانية. كما أننا بحاجة إلى جهود ووسائل أفضل تمكننا من تعزيز قدرة المواطنين على مواجهة الخطر. وفيما يتعلق بالتسونامي الذي يحدث بعيداً عن الساحل، أوصى تقرير "المجلس القومي للبحوث" ببذل الجهود التي تمكننا من الاعتماد بعيد المدى على مجسات سطح مياه البحر، وعمليات مراكز الإنذار، فضلاً عن التأكد مما إذا كان السكان والسلطات المحلية تستوعب رسائل الإنذار التي تبثها تلك المراكز. وفيما يتصل بالتسونامي المحلي، فقد أوصى تقرير المجلس بتركيز الجهود على توعية السكان والعاملين في المهن الساحلية وكذلك السياح بمسببات التسونامي الطبيعية، وكذلك إخلاء مناطق الخطر دون انتظار إنذار رسمي بالإخلاء. ولكن من المهم أن تنظم جهود التوعية هذه على أساس قومي، ذلك أن نسبة عالية من الذين يتعرضون لخطر التسونامي هم من السياح الذين لا يتمتعون بأي قدر من الثقافة أو التوعية بما يهدد حياتهم. كما تجب أن تكون هذه التوعية جزءاً من نمط تفكير كل من يعمل أو يقيم أو يزور المناطق الساحلية المعرضة للخطر. نيثان وود ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ باحث جغرافي في إدارة المسح الجيولوجي التابعة لوزارة الداخلية الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشونال"