لقد صُدمنا وتأثرنا بصور الموت والدمار ونحن نتابع تغطية زلزال وتسونامي سنداي في اليابان يوم الجمعة. فالزلزال الذي بلغت قوته 8.9 على سلم ريختر هو الأكبر من نوعه الذي يضرب اليابان منذ أكثر من 150 عاماً، وسابع أكبر زلزال في التاريخ منذ أن بدأت دراسة وتوثيق الزلازل. كما أدى التسونامي إلى أضرار كبيرة وفقدان كثير من الأرواح. ولن تتسنى معرفة الحصيلة النهائية للضحايا قبل عدة أيام، لكن من الواضح أن آلاف الناس قد ماتوا أو جرحوا أو فقدوا، وأن حجم الخسارة الاقتصادية سيكون بالملايين. ومن الواضح أيضا أنه سيكون للزلزال تأثير قوي على الاقتصاد الياباني، الذي يعد ثالث أكبر اقتصاد في العالم. ورغم التأثيرات الكارثية للزلزال على اليابان، فإنها كان يمكن أن تكون أسوأ بكثير. فاليابان تعد من بين أكثر البلدان تعرضاً للزلازل، وتعتمد قوانين بناء أفضل وجاهزية مدنية أحسن مقارنة بأي بلد آخر في العالم، لأن اليابانيين يتعاملون مع الزلازل على نحو جدي وينفذون عدداً أكبر من المناورات والتمرينات وعمليات التفتيش مقارنة بسكان كاليفورنيا. ومع ذلك، فإنه حتى بعض مبانيها المقاومة للزلازل لم تستطع أن تنجو من هزات زلزال بهذه القوة، كما فشلت مبانيهم وجسورهم على نحو كارثي خلال زلزال كوبي عام 1995. ووفق جميع الروايات، فقد كانت ثمة تحذيرات كافية من التسونامي في معظم المناطق، لكن الأشخاص الذين كانوا قريبين من الساحل لم يكن لديهم الوقت الكافي للقيام باللازم، ولم يكن ثمة شيء يستطيعون فعله عندما اجتاحت الأمواج العاتية مناطقهم حاملةً سفن صيد كبيرة وأطنانا من الأنقاض والحطام. والواقع أن زلزال سنداي يمثل تحذيراً وتذكيراً بأننا -نحن سكان لوس أنجلوس- نعيش في بلد معرض للزلازل كذلك. فأي شخص يعيش في هذه المنطقة منذ بضع سنوات لابد أنه عاش بضع هزات صغيرة على الأقل، هذا بينما يستطيع السكان الذين يعيشون في المنطقة منذ عقود تذكر زلزال 1971 وزلزال 1987 وزلزال 1994 وغيرها. وقد درس العلماء الصدوع الرئيسية في منطقتنا لسنوات؛ وقاموا بحفر خنادق في قاع البحيرات القديمة بالقرب من خطوط الصدع لإيجاد مؤشرات حول عدد المرات التي تحدث فيها الزلازل على كل صدع رئيسي؛ كما طوروا نماذج حاسوبية للكيفية التي سيؤثر بها الزلزال الكبير المقبل على السكان، وما هي أكثر المناطق تأثراً وهشاشة. وقد تمت الإشارة إلى خلاصاتهم مراراً وتكراراً: إن عدداً من الصدوع في منطقتنا ويتوقع أن تعرف زلازل كبيرة. وتقول أحدث التوقعات إن ثمة احتمال 99.7 في المئة لوقوع زلزال بقوة 6.7 على سلم ريختر في منطقة جنوب كاليفورنيا خلال الثلاثين عاماً المقبلة، واحتمال 46 في المئة لحدوث زلزال أقوى بكثير (بقوة 7.5)، ومع ذلك يظل أصغر بمئات المرات من زلزال سنداي، خلال الثلاثين عاماً المقبلة. هذا علماً بأن صدع سان أندرياس يمكن أن يعرف زلزالاً أكبر من ذلك بكثير. لذلك فالسؤال ليس هو ما إن كنا سنشهد زلزالاً كارثياً، وإنما متى؟ فرغم أن قوانين البناء في كاليفورنيا تعد من بين الأكثر صرامة في الولايات المتحدة (بسبب زلزال لونج بيتش عام 1933 الذي دمر كل المباني غير المقواة تقريباً)، إلا أنها تبدأ في مضاهاة المعايير المعتمدة في اليابان. وإذا تأملنا هنا الجسور العالية حيث يلتقي الطريقان السريعان 5 و14، والتي هوت في زلزال 1971، ثم هوت الجسور التي بنيت محلها في زلزال 1994، فسندرك مدى ضعف وهشاشة بنيتنا التحتية. هذا علماً بأن ذينك الزلزالين كانا بقوة 6.6 و6.7 فقط، أي أصغر كثيراً من زلزال سنداي. الأخبار القادمة من اليابان هذه الأيام ليست مجرد تذكير بأننا نحن أيضاً نوجد في مرمى الهدف؛ بل هي تحذير لنا وتأكيد على ضرورة أخذ التهديد على محمل الجد. صحيح أن مهندسي الزلازل يدعون منذ زمن إلى اعتماد قواعد ومعايير واضحة للبناء، لكن بعضها يتم اتباعه بينما يتم تجاهل معظمها. وفي هذه الأثناء، يخبرنا معظم خبراء الهندسة بأننا أهملنا طويلاً البنية التحتية ومواضيع السلامة المتعلقة بالزلازل؛ والحال أننا ما زلنا نفعل ذلك بسبب إكراهات الميزانية والحالة المتردية للاقتصاد حالياً. غير أنه عندما سيحدث الزلزال المقبل في جنوب كاليفورنيا، مثلما هو متوقع، فسننظر جميعاً إلى الخلف وسنوجه أصابع اللوم والاتهام إلى الأشخاص الذين لم ينفقوا المال الذي كان سينقذ قدراً أكبر بكثير من المال والأرواح. وعلى مستوى شخصي، ينبغي على كل واحد منا أخذ هذه التحذيرات على محمل الجد، وأن يُخرج رأسه من الرمال ويواجه الحقيقة. فهل منزلك مجهز بما يلزم تحسباً لأيام طويلة بدون ماء وكهرباء وطعام عندما يحدث الزلزال؟ ولعلك راعيت معايير وقواعد مقاومة الزلازل أثناء بناء منزلك؟ أخشى أن الأشخاص الذين يتجاهلون هذه التحذيرات اليوم سيندمون لاحقاً عندما يضرب الزلزال القوي التالي مناطقهم. دونالد آر. بروثيرو أستاذ الجيولوجيا بكلية "أوكسيدنتل كوليدج" في لوس أنجلوس ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"