غياب مبادرة إسرائيلية للسلام... والمسلمون مستهدفون في أميركا جمود العملية السلمية، والحاجة إلى تواصل أكبر لإسرائيل مع الشعوب العربية، وغياب خطة سلام عربية، ثم اتهام المسلمين بالإرهاب في أميركا... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. غياب حكومة مسؤولة تطرقت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي إلى ردة فعل الحكومة الإسرائيلية على العملية التي نفذها أحد الفلسطينيين في مستوطنة إسرائيلية بالقرب من نابلس في الضفة الغربية، وأسفرت عن مقتل خمسة مستوطنين من عائلة واحدة، فقد سارعت السلطات الإسرائيلية مباشرة بعد الحادث إلى الإعلان عن بناء 500 وحدة استيطانية في مستوطنة "إيتمار" في محاولة على ما يبدو لتهدئة غضب الرأي العام من جهة ومنع إقدام المستوطنين على الانتقام من الفلسطينيين وتعقيد الوضع الجامد لعملية السلام من جهة أخرى. لكن الصحيفة التي تدين بقوة عملية القتل التي استهدفت العائلة اليهودية في المستعمرة بالضفة الغربية تضع العملية في سياق من الجمود يكتنف عملية السلام، منذ مدة ويحول دون تقدمها، وهو ما يعطي الفرصة لعودة العناصر المتشددة لدى الطرفين سواء تعلق الأمر بالمسلحين الفلسطينيين، أو المتطرفين المستوطنين الذين يعتدون على الأهالي والقرى الفلسطينية القريبة منهم، فبعد اعتراف الحكومة الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو وشريكه إيهود باراك بحل الدولتين في خطاب جامعة "بار إيلان" الأخير لم يبرح الوضع مكانه، إذ لم يحصل أي تقدم يعيد السلام إلى سكته، وهي المسؤولية التي تحملها الصحيفة للطرفين معاً، هذا بالإضافة إلى عجز الإدارة الأميركية التي بعد مرور عامين على دخولها البيت الأبيض لم تنجح في حلحلة الوضع بالغ التعقيد، بل ربما ساهمت بترددها وتأرجحها تارة بين مطالب وقف الاستيطان والتغاضي عنه تارة أخرى في تجميد الوضع. وتشير الصحيفة أن الجمود لم يعد يطاق عالمياً ما دفع الأوروبيين وعلى رأسهم المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إلى الضغط على نتنياهو الذي وعدها بصياغة رؤية إسرائيلية للسلام، وحتى تتجسد هذه الرؤية ترى الصحيفة أنه يتعين على الحكومة المسارعة إلى تهدئة الوضع ببعث الثقة مجدداً في عملية السلام. وليس ببناء المزيد من المستوطنات. فرصة إسرائيل يستعرض الكاتب والمعلق الإسرائيلي "زفي بارئيل" في مقاله المنشور يوم الأحد الماضي على صفحات "هآرتس" التحولات العميقة التي تشهدها المنطقة العربية وتأثيرها على إسرائيل، فالكاتب يلاحظ أولاً أن أعضاء الحكومة المصرية المؤقتة ممثلة في رئيسها، عصام شرف، ووزير خارجيتها، نبيل العربي، ليسا من محبي إسرائيل، وربما يكون هذا هو الوجه الجديد للعالم العربي، حيث لم تعد الأجندة الوطنية للدول تنحصر في الصراع العربي- الإسرائيلي، ولا تعد رفاهية الشعوب وحاجتها للديمقراطية والحرية مرهونة بحل الصراع في الشرق الأوسط، فقد كان لافتاً، يقول الكاتب، إنه خلال الثورات التي عمت المنطقة العربية لم يُشاهد أحد حرق العلم الأميركي، بل إن الولايات المتحدة، التي كانت مكروهة في الشارع العربي إلى فترة قريبة باتت هي من تسحب الشرعية من الحكام العرب وتطالبهم بالرحيل، هذا الانحياز إلى الشارع العربي تحركه حسب الكاتب قراءة ذكية للأحداث الجارية في المنطقة، وفهم متقدم للتحولات التي تهب عليها، إذ لم تعد القوة اليوم في يد الأنظمة المستبدة، بل بات للشعب حضور لا يمكن إنكاره لا يدعو إلى سقوط أميركا بقدر ما يطالب بالعدالة الاجتماعية والحرية والوظائف ومحاربة الفساد، وهي أمور يحسن بإسرائيل أن تتبناها وتنحاز هي الأخرى إلى الشعوب العربية بالتعامل مع قواعدها وفئاتها المتعددة، ليس لأن إسرائيل مهددة بوقف إمدادات الغاز من مصر، أو حتى وقف التعاون والسلام مع الأردن، بل لأنها أمام موجة ديمقراطية تجتاح العالم العربي تعطي السلطة للشعب ولشرائح جديدة، إذا لم تتعامل معها إسرائيل فإنها ستجد نفسها دولة منبوذة في المنطقة، ليس من قبل نظام، بل من الشعوب، وهو الأسوأ. غموض في الرؤية: تنطلق صحيفة "جيروزاليم بوست" في افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء من حادثة قتل مستوطنين في الضفة الغربية لتعبر عن تخوفها من عدم تبلور خطة إسرائيلية واضحة لتحريك عملية السلام المتوقفة وانتقادها في الوقت نفسه إعلان الحكومة بناء 500 وحدة استيطانية، هذا القرار تقول الصحيفة من شأنه إثارة الرأي العام الدولي، لا سيما بعد انحياز الولايات المتحدة الواضح لإسرائيل عندما أسقطت قرار إدانة الاستيطان في مجلس الأمن، إذ من غير المتوقع أن توافق واشنطن على مزيد من الاستيطان فيما كانت قد وقفت ضده في البداية، ومع أن الصحيفة تتفهم كما تقول صعوبة الموقف الإسرائيلي، وتأخر الإعلان عن خطة نتنياهو للسلام التي وعد بها بسبب الانقسام الفلسطيني من جهة وارتفاع سقف المطالب الفلسطينية من جهة أخرى بالإصرار على الانسحاب إلى حدود 67 ، إلا أنها أيضاً تحث الحكومة على الإسراع في بلورة خطة واضحة لقيام دولة فلسطينية خوفاً من تدخل المجتمع الدولي وفرض حل على إسرائيل لن يصب في مصلحتها، وبدلًا من انتهاج سياسة الانتظار وترقب الأوضاع تهيب الصحيفة بنتنياهو إلى تبني سياسة تأخذ زمام المبادرة، وهي خطة تتجاوز ردود الأفعال المتعجلة التي تضع إسرائيل في حرج أمام المنتظم الدولي وتضرب مصداقيتها مثل إعلان الحكومة بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية غير الضرورية في هذه المرحلة. وقد كان لافتاً حسب الصحيفة الصعوبة التي واجهها الناطق باسم نتنياهو، وهو يحاول تبرير قرار الحكومة ليس فقط أمام الرأي العام الداخلي، بل أيضاً أمام الرأي العام الدولي. المسلمون في أميركا أثار الحاخام "مارك شنير" في مقاله المنشور بصحيفة "يديعوت أحرنوت" يوم الأحد الماضي العديد من الأسئلة حول جلسات الاستماع التي يعقدها الكونجرس الأميركي هذه الأيام بطلب من النائب الجمهوري "بيتر كينج" حول موضوع التشدد الإسلامي في أميركا، وهي الجلسات التي ينظر إليها الحاخام بكثير من التشكك باعتبارها تنتقي المسلمين دون غيرهم، وهو إذ يدافع عن المسلمين في أميركا الذين يراهم جزاء أساسياً من النسيج المجتمعي، فإنه ينتقد الخطاب المعادي للأجانب المتصاعد في الولايات المتحدة، ولئن كان هذا الخطاب اليوم يستعدي المسلمين خاصة فقد سبق له أن استعدى أقليات أخرى كان اليهود على رأسهم، لذا يقف الكاتب اليوم إلى جانب المسلمين، رافضاً التبخيس من قيمتهم، أو تقزيم صورتهم في الإرهاب، فالمسلمون الأميركيون وكباقي المواطنين يحرصون على احترام القانون وخدمة مجتمعهم، وهم يعملون في الحكومة والجيش وفي الشركات وغيرها من القطاعات، وبدلاً من التواصل أكثر مع الأقليات داخل المجتمع الأميركي والمسلمون منهم على وجه الخصوص تتعالى أصوات نشاز تتهمهم بالإرهاب، وهو ما يرفضه الكاتب لأنه حسب رأيه لا يعكس قيم التعدد والتسامح في الثقافة الأميركية. إعداد: زهير الكساب