إن السياسة الاقتصادية الإماراتية تحرص باستمرار على أن تضمن للأسواق المحلية مستوى عاليّاً من الحرية والتنافسية، لمساعدتها على أداء الدور المنوط بها كوسيط بين المنتجين والمستهلكين بكفاءة، أو بمعنى آخر لتكون الأسواق المحلية وسيطاً عادلاً بين هذين الطرفين. وتأتي المساعي الإماراتية في هذا الشأن كجزء من استراتيجية عامة متّبعة لبناء مناخ استثماري على درجة عالية من المرونة والتنافسية، لجذب المستثمرين من المواطنين والأجانب إلى الأسواق الإماراتية، وتمكينهم من دخول الأسواق والخروج منها بحرية تامّة، بما يسمح لهم بممارسة أنشطتهم من دون قيود. وعملاً في هذا الاتجاه تبذل السلطات الاقتصادية الإماراتية قصارى جهدها من أجل تطوير البيئة التشريعية والقانونية والتنفيذية اللازمة لضمان توافر الظروف المواتية والمساعدة للأسواق المحلية على تأدية دورها، كجزء من بيئة العمل الإماراتية المفضّلة لأصحاب الأعمال والمستثمرين، وفي هذا الإطار فإن الحكومة بمؤسساتها الاتحادية والمحلية في كل إمارة تعمل بشكل جماعي متّسق على محاصرة جميع الأسباب التي قد تضرّ بالأسواق وتبعدها عن غاياتها. وفي هذا الإطار فإن الجهات الحكومية المختصة في الدولة لا تمارس أية أنشطة من شأنها التدخل المباشر في الأسواق بشتى أنواعها، حيث تعمل الجهات المشرفة على الحياة الاقتصادية في الدولة على توفير جميع السلع والمنتجات في الأسواق من دون التدخل في تحديد الأسعار، لتترك لقوى العرض والطلب هذه المهمة لتنجزها بشكل آليّ حرّ، حيث تحرص الدولة من ناحية على عدم تقديم أي شكل من أشكال الدعم المالي للمنتجين أو المستوردين، ومن ناحية أخرى فهي لا تفرض أي ضرائب على المنتجين والمستوردين، وهو ما يضمن توافر السلع والمنتجات والخدمات الأساسية في الأسواق بأسعار تتناسب مع التكلفة الحقيقية لجلبها إلى الأسواق من دون أن تحيد عن ذلك، سواء إلى أعلى بما لا يضرّ بالمستهلكين أو إلى أسفل بما لا يضرّ بالمنتجين. على الجانب الآخر هناك جهود حثيثة تقوم بها الدولة لمكافحة أنشطة الاحتكار، سواء في ما يتعلّق بإنتاج السلع والمنتجات أو استيرادها ومن ثم توفيرها في الأسواق المحلية، فالدولة تعي تماماً جسامة الأضرار التي تترتب على الممارسات الاحتكارية، التي عادة ما تدفع الأسواق إلى الخروج عن مسارها الطبيعي، وتمنعها من تأدية دورها كوسيط محايد وعادل بين المنتجين والمستهلكين، لتكون أكثر ميلاً إلى تحقيق أهداف المنتجين والمستوردين على حساب المستهلكين، مما يضرّ بالحياة الاقتصادية في الدولة بوجه عام. وفي هذا الإطار فقد أعلنت "وزارة الاقتصاد" الإماراتية مؤخراً أنها بصدد التقدّم بطلب رسمي إلى مجلس الوزراء يقضي بكسر احتكار أكثر من 10 وكالات تجارية مسؤولة عن توفير مجموعة كبيرة من السلع الرئيسية من بينها سلع غذائية على درجة كبيرة من الأهمية في الأسواق المحلية. وإن كانت السلطات تسعى بتحركها هذا إلى تحسين البيئة التنافسية في الأسواق المحلية، ومن ثم دفع هذه الأسواق إلى الاقتراب بشكل أكبر إلى مبادئ السوق الحرة، وجعل البيئة الاستثمارية الوطنية أكثر جذباً للمستثمرين ورؤوس الأموال المحلية والأجنبية، فإنها في المقام الأول تسعى إلى تخليص الأسواق من الشوائب التي تحقّق مصالح المنتجين والمستوردين على حساب المستهلكين، وبالتالي توفير السلع والمنتجات لهؤلاء المستهلكين بأسعار تتناسب مع التكلفة الحقيقية لجلبها إليهم، وبالتالي ضمان وصول هؤلاء المستهلكين بشتى فئاتهم إلى تلك السلع والمنتجات بتكلفة عادلة، بما ينعكس إيجابيّاً على مستويات المعيشة والحياة الاقتصادية في الدولة بشكل عام. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية