القرار الذي أعلنته "اللجنة الوطنية للانتخابات"، مؤخراً، بشأن التعليمات التنفيذية للانتخابات المقرّرة هذا العام لاختيار نصف أعضاء "المجلس الوطني الاتحادي" للفصل التشريعي الخامس عشر، يشكّل نقلة نوعية في مسيرة المجلس، فهذا القرار يتضمّن القواعد العامة التي تنظّم الانتخابات والترشيحات وضوابط الحملة الانتخابية، وغيرها من الأمور المتعلّقة بتنظيم العملية الانتخابية، بالشكل الذي يضمن نجاحها، وتحقيق الهدف الرئيسي منها وهو اختيار ممثلي الإمارات في "المجلس الوطني الاتحادي" بصورة تضمن تمثيل شعب الاتحاد جميعه، وبما يحقق المصلحة العامة للمواطنين جميعهم. هذا القرار لا شكّ في أنه يشكّل خطوة مهمّة في مسيرة التحديث السياسي لدولة الإمارات تعكس رؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، بشأن تطوير المجلس والارتقاء بدوره وتمكين الإماراتيين من اختيار ممثليهم، على أساس أن ذلك هو لبنة التحديث السياسي، لأن وجود مجلس اتحادي قوي سيسهم في دعم السلطة التنفيذية ومعالجة قضايا الوطن الداخلية والخارجية بالكفاءة والموضوعية اللازمتين. إن وضع الضوابط الخاصة باختيار ممثلي الإمارات في "المجلس الوطني" للدورة المقبلة أمر ينطوي على درجة كبيرة من الأهميّة، لأن هؤلاء سيعهد إليهم التعبير عن مشكلات المواطنين واحتياجاتهم في كثير من القضايا، وكذلك الرقابة على أداء الحكومة، وتوجيهها إزاء بعض الأمور التي تخدم المواطنين، وهو الأمر الذي يتطلّب أن يكون أعضاء المجلس يتميّزون بالكفاءة من ناحية، والقدرة على التعبير عن نبض المواطنين بكل حرية وموضوعية من ناحية أخرى. وقد عبّر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله بوضوح عن هذا الإيمان بأهميّة "المجلس الوطني" والدور الذي يقوم به، في كلمته التي وجّهها إليه بمناسبة ختام فصله التشريعي الرابع عشر، حيث أكد سموه أن مسيرة المشاركة والعمل البرلماني ستستمر بثقة في النمو والتطوّر بما يلبّي الاحتياجات الوطنية ويحقق آمال شعب الإمارات وطموحاته في المشاركة والأمن والاستقرار ويحافظ على مصالح الوطن في مستوياتها ودوائرها كافة. إن المتابع لمسيرة "المجلس الوطني الاتحادي" خلال السنوات الماضية سيلحظ بوضوح التطوّر الإيجابي الذي شهده على أكثر من صعيد، سواء في ما يتعلّق بطبيعة الدور الذي يمارسه أو بالصلاحيات التي اكتسبها، أو من خلال تعاونه الوثيق والمثمر مع الحكومة في كثير من القضايا، والذي أسفر عن اتخاذ العديد من السياسات التي تعبّر عن احتياجات المواطنين وتطلّعاتهم. ولعلّ هذا ما يفسّر حالة الرضا عن أداء المجلس من جانب المواطنين باعتباره طرفاً رئيسياً في النظام السياسي يمارس دوريه التشريعي والرقابي على الوجه الأكمل، كما يفسّر أيضاً تطلّعاتهم المتزايدة بشأن مزيد من الفاعليّة لهذا الدور في المرحلة المقبلة. إن الارتقاء بأداء "المجلس الوطني الاتحادي" والعمل على تطويره بشكل مستمر يؤكد حصول المزيد من النضج والتراكم في الحياة البرلمانية، وهو تطوّر يحسب لقيادتنا الرشيدة التي لا تألو جهداً في إنجاح هذه التجربة ودفعها قدماً، انطلاقاً من قناعتها بأن وجود برلمان فاعل وقوي هو خير داعم للحكومة في القيام بمهامها على الوجه الأكمل، وبما يحقق مصلحة المجتمع، ويخدم قضاياه الرئيسية، حتى يستطيع هذا المجلس مسايرة حركة التنمية والتطوّر التي تشهدها الدولة في مختلف المجالات، ودفعها قدماً إلى آفاق أرحب وأوسع. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية