مخاوف من "عدوى الاحتجاجات"... وبحث عن السلام بعيداً عن واشنطن ------ اتهامات لإسرائيل بالضلوع في الاضطرابات التي يعرفها عدد من البلدان العربية، وتحذيرات من انتقال "عدوى" الاحتجاج والانتفاضة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتساؤلات بشأن إمكانية أن يكون الفلسطينيون قد أداروا ظهورهم للولايات المتحدة... موضوعات نعرض لها بإيجاز ضمن قراءة في الصحافة الإسرائيلية. ------- "العدو البديهي" صحيفة "جيروزاليم بوست" أفردت افتتاحية عددها يوم السبت الماضي للتعليق على ما اعتبرتها نظريات مؤامرة تتهم إسرائيل بالضلوع في الاضطرابات التي تجتاح عدداً من البلدان العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي هذا الإطار، استهلت الصحيفة افتتاحيتها بالرد على اتهام الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، الذي ألمح إلى أن تل أبيب هي التي تقف وراء الاحتجاجات في عدد من البلدان العربية قائلة: من الواضح أن صالح كان يحاول تشويه صورة خصومه وتلطيخ سمعتهم باعتبارهم خونة متواطئين مع العدو، الذي ليس أحدا آخر غير إسرائيل بالطبع. وحسب الصحيفة، فإن نظريات صالح ليست سوى امتداد لسلسلة من النظريات التي انطلقت من العالم العربي في الماضي، ومنها الادعاء بأن إسرائيل هي التي دبرت ونفذت هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وأن سلاح الجو الأميركي تواطأ مع إسرائيل في 1967. وأحدث الاتهامات الموجهة لإسرائيل، تقول الصحيفة، هي تلك التي تتهم تل أبيب بالتآمر على الثوار في ليبيا، حيث أفادت إحدى الفضائيات العربية بوجود تعاون بين إسرائيل والقذافي ضد الثوار، وقالت إن شركة توزيع الأسلحة الإسرائيلية "جلوبال سي إس تي" قامت، بعد ترخيص من تل أبيب، بتزويد القذافي بمرتزقة أفارقة قصد قمع المحتجين المناوئين للحكومة. وضمن محاولتها الرد على هذا الاتهام، قالت الصحيفة إن أحداً لم يكلف نفسه عناء الإجابة عن سؤال لماذا قد تفكر إسرائيل في مساعدة "عدو لدود" مثل القذافي. "التحرير في فلسطين" تحت هذا العنوان نشرت صحيفة "هآرتس"عموداً لمناخيم كلين، أستاذ الدراسات السياسية بجامعة "بار إيلان"، اعتبر فيه أن الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية التي يعرفها عدد من البلدان العربية بدأت تتسبب للفلسطينيين في بعض الإزعاج حيث بدأوا يقولون في داخلهم: لماذا تقوم الشعوب في كل هذه الأماكن بتحقيق مثل هذه المكاسب ضد الأنظمة القمعية، بينما نحن هنا عالقون مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي يملي على رئيس السلطة الفلسطينية ما يفعله وما لا يفعله؟ الكاتب يقول إن الأحداث التي عرفتها الأسابيع الأخيرة تُظهر أن الانتفاضات غير العنيفة، وليست التنازلات الدبلوماسية، هي التي تجلب الدعم الأميركي. ولكن عباس رفض في الماضي مقترحات من عدد من الدوائر لتنظيم انتفاضة جماهيرية سلمية. وإذا كان مسؤولو السلطة الفلسطينية و"فتح" قد اتخذوا خطوات في الماضي لاحتواء الاحتجاجات الأسبوعية في "بلعين" وقرى أخرى في الضفة الغربية لأنهم كانوا يخشون صعود خصوم سياسيين، وانزلاقاً إلى العنف الذي لن يضر إلا بالفلسطينيين، مثلما وقع بالفعل في الانتفاضة الثانية، يقول الكاتب، فإن الوضع مختلف اليوم، وذلك على اعتبار أن النموذج الإيجابي للثوار غير العنيفين عبر العالم العربي وضبط النفس الذي يمارسونه يمكن أن يعلِّم الفلسطينيين أن هذه هي الطريق إلى تحقيق مكاسب تاريخية، مضيفا أنه إذا استعملت إسرائيل العنف لقمع المظاهرات الفلسطينية، فإنها سوف يُنظر إليها على أنها قذافي آخر. ويضيف الكاتب قائلاً إن هناك قلقاً كبيراً في الشارع الفلسطيني، وإحباطاً بسبب عملية السلام وإسرائيل والولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك، فإن المجتمع الفلسطيني يتوفر على البنية التحتية نفسها التي كانت في أماكن أخرى المحرك وراء المظاهرات – الإنترنت، الهواتف النقالة، والأطباق الفضائية. ثم إن المجتمع الفلسطيني مجتمع شباب آفاقهم مسدودة بسبب الاحتلال، معتبرا أن التحذيرات واضحة ويجب قراءتها القراءة الصحيحة. قانون ضد المقاطعة وحول مشروع قانون ضد المقاطعة يمرر في قراءة أولى من الكنيست، أشارت صحيفة "يديعوت أحرنوت" ضمن افتتاحية عددها لأمس الثلاثاء إلى أن الكنيست الإسرائيلي مرر ضمن قراءة أولى يوم الاثنين مشروع قانون من شأنه أن يفرض غرامات عقابية قاسية على الإسرائيليين الذين يدعون إلى المقاطعة الاقتصادية أو الأكاديمية ضد المؤسسات الإسرائيلية. ويهدف"قانون المقاطعة"، الذي صوت له 32 عضواً وعارضه 12، إلى معاقبة الشركات الإسرائيلية التي فازت بمناقصات لبناء مدينة روابي الفلسطينية بشرط ألا تقدم خدمات أو تبيع سلعا للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة عن النائب من حزب الليكود "زئيف إيلكن"، الذي اقترح القانون، قوله: "لقد وصلنا إلى وضع غير معقول – بات فيه عدد متزايد من الدعوات يأتي من داخل بلدنا". غير أن النائب حنا سويد من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة قال إن القانون يرمي إلى "إدامة الاحتلال"، مضيفاً أنه "يخرق حرية التعبير وحق كل المواطنين في اختيار مقاطعة منتجات من الأراضي المحتلة. هناك عنصرية يجب التنديد بها". أما الوزير جيلعاد إيردان (من حزب الليكود)، فقال إن هدف الحكومة هو "خلق توازن بين حرية المواطنين في التعبير ورغبتنا كبلد ديمقراطي في حماية اقتصاد دولة إسرائيل". بعيداً عن واشنطن "هل يبحث الفلسطينيون عن السلام بعيدا عن واشنطن؟"، هكذا تساءل "جونثان شاكتر"، الباحث بمعهد دراسات الأمن القومي" بجامعة تل أبيب، علق في مقال له بعدد يوم الجمعة من صحيفة "هآرتس" على ما أُعلن الأسبوع الماضي في بعض وسائل الإعلام من أن السلطة الفلسطينية قاطعت مسؤولين من السفارة الأميركية في القدس إضافة إلى صحافيين أميركيين، حيث قال مسؤول رفيع في حركة "فتح" لوكالة الأنباء الفرنسية: "إننا سنقطع علاقتنا مع المؤسسات الأميركية مثل (الوكالة الأميركية للتنمية الدولية)، ولن نقبل أي مساعدة أو مال منهم". وضمن محاولته قراءة هذا التطور، قال الكاتب إن القيادة الفلسطينية ربما تكون قد نظرت إلى "الفيتو" الأميركي ضد قرار مجلس الأمن الدولي المندد بإسرائيل الشهر الماضي – إلى جانب التقييمات الكثيرة الصريحة والمتسرعة الأخيرة لتقلص نفوذ أميركا في الشرق الأوسط، وخاصة عقب سقوط الرئيس المصري السابق والرد المحتشم الأولي على حمام الدم في ليبيا – وخلصت إلى أن الولايات المتحدة باتت اليوم عبئا أكثر منه مساعدة في تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية. وتساءل: هل يمكن أن تكون السلطة الفلسطينية، يشجعها في ذلك تدفق الدعم وأزعجتها مشكلة الصورة الإقليمية لأميركا والقرب من إسرائيل، قد اتخذت قراراً استراتيجياً يقضي بالابتعاد عن الولايات المتحدة ووضع مصيرها في أيدي أوروبا والأمم المتحدة؟ "جونثان شاكتر" يرى أن القطع مع الولايات المتحدة قد يكون جذاباً ومغرياً على المدى القصير، أو يمكن أن يكون لفتة رمزية للتخفيف من غضب الرأي العام في أعقاب "الفيتو الأميركي داخل الأمم المتحدة؛ غير أنه من الصعب الاعتقاد بأن السلطة الفلسطينية تستطيع فعل ذلك على المدى البعيد مالياً وسياسياً، وذلك على اعتبار أن عدداً كبيراً من الفلسطينيين موظفون لدى السلطة الفلسطينية، التي تظل معتمدة كثيرا على المساعدات الخارجية – التي يأتي جزء كبير منها من الولايات المتحدة. ثم إنه رغم "الفيتو" الأميركي، يقول شاكتر، إلا أنه لا توجد دولة أو مؤسسة أخرى قادرة على جلب الخليط نفسه من النفوذ والمصداقية والموارد إلى طاولة المفاوضات، كما يقول. إعداد: محمد وقيف