يسابق قائد الدراجة عقارب الساعة، مستغرقاً في أحلامه الخاصة، في طريقه إلى السوق قبل أن يبرد الطعام الذي سيبيعه هناك، ممنيّاً النفس بتحقيق هامش ربح كبير، وخاصة أن حجم الإقبال غير مسبوق هذه الأيام على شراء المواد الغذائية هنا في العاصمة الصينية بكين، في ضوء تواتر الارتفاعات المتلاحقة لأسعار الغذاء ليس في بلاد المليار نسمة وحدها وإنما أيضاً على الصعيد العالمي كله. يذكر أن المنظمة الأممية للأغذية والزراعة "الفاو" أعلنت هذا الأسبوع أن أسعار الغذاء قد واصلت ارتفاعها للشهر الثامن على التوالي، وقد وصلت في شهر فبراير المنصرم مستوى هو الأعلى من نوعه منذ بدأت المنظمة في قياس أسعار الغذاء عام 1990. وأكدت "الفاو" أن أسعار الغذاء ارتفعت بنسبة 2.2 في المئة، وهو ما يعني ارتفاع مؤشر المنظمة للأسعار إلى 236 نقطة. ومن المعروف أن الكوارث الطبيعية هذا العام قد أثرت على نسبة المعروض من الغذاء في السوق الدولية، كما أن آثار الكساد العالمي وأعراض سياسات التقشف أثرت هي أيضاً سلباً على سوق الغذاء. وتبقى الدول الأكثر فقراً، والشرائح السكانية الأكثر هشاشة، هما من يدفع ثمن الضائقة الغذائية العالمية، إن لم يكن بتفشي سوء التغذية وتردي ظروف المعيشة، فباحتمال نشوب ثورات جياع، مع كل ما يعنيه ذلك من أجواء عدم استقرار وعنف طليق يكون الفقراء هم وقوده عادة.