نشر الدكتور عاطف امتياز مؤخراً كتابه "التجول وحيداً في الزحمة: أفكار حول وضع المسلمين البريطانيين في الغرب"، وهو مجموعة أحاديث ومقالات تبحث في حياة المسلمين البريطانيين وأوضاعهم. وفيه يوازن بين النظرية والتجربة الشخصية، ويعرض وجهات نظر معمّقة للمسلمين وغير المسلمين على حد سواء. وقد عمل امتياز، الذي يحمل شهادة الدكتوراه في علم النفس الاجتماعي من كلية لندن للاقتصاد، في برادفورد في مجال المساواة والتنوع لخدمات الصحة العامة، ويعمل الآن مديراً أكاديمياً في كلية كامبريدج الإسلامية. ويبحث في كتابه هذا كيف عاش المسلمون خلال حقبة بوش التي يشير إليها بـ"فترة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر"، ويتساءل: هل ما زلنا نعيشها في بريطانيا، وكيف ينبغي أن نفهم تفجيرات يوليو 2005 في لندن؟ يقول "امتياز" إن تلك التفجيرات كان لها أثر عميق على الجالية المسلمة، إذ جعلتها تأخذ التهديد الإرهابي بجدية حقيقية. لكنه يتحدث عن الانتقال إلى ما بعد حقبة الحادي عشر من سبتمبر، قائلا إنه من الصعب جداً لمسلمي المملكة المتحدة العيش بعيداً عن السياسة الدولية، فهناك شعور أعظم بِـ"الدولية" بين المسلمين مقارنة بغيرهم في بريطانيا، ومصدر ذلك هو الشعور العظيم بالعالمية في التعاليم الإسلامية. لكن علينا أن نسعى لتقرير أسلوبنا الخاص في الانخراط السياسي، لا أن يحدده لنا أشخاص أو أحداث من الخارج. إلا أن هناك شعوراً قوياً بالهوية المحلية بالنسبة لمسلمي المملكة المتحدة، في غياب أي شعور بالتناقض مع عقيدتهم. ويشتمل الكتاب على قصة من حياة "امتياز" تعكس الصعوبة التي يواجهها المفكرون المسلمون في الانخراط والمشاركة؛ فعندما حاول ذات مرة بحث العلاقات المجتمعية مع شباب مسلمين من برادفورد، "بدوا حاضرين وإنما غائبين. بعد فترة أصبح من الواضح أنهم لم يفهموا بعض الكلمات التي كنت أستخدمها. ليس فقط الكلمات الفنية المتعلقة بالموضوع وإنما كلمات أطول. كانوا مهتمين بالحديث، لكنهم لم يستطيعوا المشاركة". وهنا يعتقد "امتياز" أن التحدي يرجع في معظمه إلى المعايير التعليمية المتراجعة بشكل عام، وفي أوساط السكان المسلمين خاصة، والتي يستحيل تحسينها إلا من خلال تغيير كبير في النظرة إلى التعليم. وحول السؤال: لماذا لم تتمكن الغالبية المعتدلة من البريطانيين المسلمين من إنشاء منبر متحد من شخصيات بارزة تعارض الشخصيات المتطرفة؟ يجيب "امتياز" بالقول إنهم فعلوا ذلك، ويشكل "المجلس الاستشاري الوطني للمساجد والأئمة" خير شاهد عليه. إلا أن الإعلام يفضل الدراما والإثارة على المنطق والعقلانية. ويُلقي "امتياز" باللوم على الصحف الرخيصة لأنها تعيد نشر الرؤى الخاطئة عن الإسلام بدلاً من تمحيصها، وذلك نتيجة للاستثناء في أجزاء كبيرة من التيار الرئيسي. وكما اقترح في كتابه، فإن فصل الانخراط أو التكامل في المجتمع فعل سلبي، وليس فاعلاً. ولا يسع المرء إلا أن يطالب بالقبول، ويعود الأمر للآخرين الذين يمثلون التيار الرئيس، لأن يقبلوا هؤلاء الذين يختلفون عنهم. فبعد حوالي عشر سنوات على الحادي عشر من سبتمبر، اتضح أن الأمر يحتاج لفترة طويلة، ليس لأن المسلمين لا يسعون للانخراط، بل لأنه في أحيان كثيرة لا يسمح لهم بذلك. ورغم أنهم جزء من المجتمع، فهناك شعور معين من العزلة التي ترافق "كوننا معاً". توماس ماكغي صحفي مستقل يعمل في لندن والشرق الأوسط ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند"