اجتذبت صناعة الإنشاءات في إمارة أبوظبي استثمارات تقدّر بنحو 35.5 مليار دولار في عام 2010، بما يمثل نحو 66 في المئة من إجماليّ الاستثمارات التي استقبلتها صناعة الإنشاءات في دولة الإمارات في العام نفسه. ولا يتوقف تفوّق إمارة أبوظبي على المستوى المحلي لدولة الإمارات، بل إن تفوقها هذا يمتد إلى حدود منطقة الخليج العربيّة، فما زال قطاع الإنشاءات في أبوظبي يقود نمو قطاع الإنشاءات في مجمل دول المنطقة، فبالرّغم من التباطؤ الذي أصاب معظم أسواق العقارات والإنشاءات في دول المنطقة، فما زال قطاع العقارات والإنشاءات في أبوظبي يتمتّع بزخم وديناميكية على قدر كبير من الكفاية، بما يسمح له باستكمال المشروعات الكبرى التي شرع بالفعل في تنفيذها قبل بداية الأزمة، ومن ثم اجتذاب عدد كبير من صفقات المشروعات الإنشائيّة الجديدة. ويمثل استمرار قطاع العقارات والإنشاءات في إمارة أبوظبي في أدائه الإيجابيّ، وإن تباطأ بشكل نسبي ومحدود للغاية مقارنة بأدائه قبل "الأزمة المالية العالمية"، أحد المعايير المهمّة وذات الدلالة الكبيرة على سلامة اقتصاد الإمارة كلّه، وعلى قدرة هذا الاقتصاد على مواصلة التحرك إلى الأمام، والتوسّع في الأنشطة الاقتصادية المختلفة شيئاً فشيئاً رغم استمرار "الأزمة المالية"، وهو ما يعبّر بدوره عن أن اقتصاد الإمارة قد بات قادراً على التحرك الذاتي من دون انتظار قوة الدفع الإيجابية الآتية إليه من الخارج. ولعل قوة الدفع الذاتيّة هذه هي صاحبة الفضل الأكبر في تحريك مجمل القطاعات والأنشطة الاقتصادية في إمارة أبوظبي كلّها، وليس قطاع العقارات والإنشاءات فقط. وتتمثل قوة الدفع المذكورة في الطلب الكلي الديناميكي والمشجّع على التوسّع في أحجام الإنتاج في مختلف الأنشطة الاقتصادية في الإمارة، بداية من الطلب الاستهلاكي على السلع الغذائية اليومية، مروراً بالطلب على السلع الاستهلاكية المعمّرة كالأجهزة والأدوات المنزلية، وكذلك الطلب على الخدمات والمرافق العامّة من مياه وكهرباء وغيرهما من المرافق، وصولاً إلى الطلب على الأصول العقاريّة، سواء لأغراض السكن، أو لأغراض الاستثمار، ما يشجّع في النهاية على المزيد من التوسع في أنشطة البناء والتشييد، ويجتذب أنظار الشركات والمؤسسات الكبرى العاملة في هذا المجال، التي ظلت طوال السنوات الماضية لديها الرّغبة في الحصول على العقود والصفقات التي تخوّلها تنفيذ المشروعات الجديدة التي يزخر بها القطاع العقاري في الإمارة. والمؤكّد أن الطلب الكلي الديناميكي هو القوة الذاتيّة نفسها، التي ما زال اقتصاد إمارة أبوظبي يتمتع بها، وهي القوة التي ستظل محرّكاً رئيسياً لعجلة النمو الاقتصادي في الإمارة أيضاً، سواء على المستوى الكلي، أو على المستوى القطاعي في اقتصاد الإمارة، وإن كانت الفترة المقبلة سوف تشهد تنامياً ملحوظاً في دور القطاع النفطي في دفع عجلة النمو الاقتصادي في الإمارة كلّها، في ظل الارتفاعات المتوقعة في أسعار النفط العالمية، وما سوف ينشأ عن ذلك من نمو في حجم الإيرادات النفطيّة، وبالتالي مستوى السيولة المتداولة في اقتصاد الإمارة، التي سيتجه جزء منها بالطّبع إلى تمويل مزيد من المشروعات في قطاع البناء والتشييد، ليولّد قوة إضافية تدفع هذا القطاع إلى الأمام، لإحراز مزيد من التفوّق على المستويين المحلي والإقليمي، ويمنح القطاع مزيداً من الزخم ليكون قادراً على تلبية طلب القطاعات الاقتصاديّة الأخرى على منتجاته، من بنية تحتية ومساكن وعقارات صناعيّة وتجارية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.