دروس من الثورات العربية... و"العموم" ينتقد الحرب الأفغانية تناقضات المجتمع الدولي إزاء الثورات العربية، والتأرجح بين المبادئ ودعم الحلفاء الاستراتيجيين، وكيف توفر الفوضى السياسية التي تشهدها ليبيا فرصاً ذهبية لطغاة عديدين داخل المنطقة وخارجها، وتقرير جديد لمجلس "العموم" ينتقد استراتيجية الحرب الأفغانية، وأخيراً قصة النجاح الاقتصادي الأفريقي، هي أبرز القضايا التي نتناولها ضمن هذه اللمحة السريعة من الصحافة البريطانية. تناقضات المجتمع الدولي تحت عنوان "المجتمع الدولي ودروس الثورات العربية"، تناولت افتتاحية صحيفة "الجارديان" الصادرة يوم الثلاثاء الماضي، تناقضات سياسات المجتمع الدولي إزاء الثورات والانتفاضات الشعبية الجارية في أكثر من دولة عربية الآن. وقالت الصحيفة إن مواقف الخارجية الأميركية قد تراوحت بين تبني الدعوة للاستقرار السياسي في مصر مع بداية اشتعال الثورة المصرية بهدف الحفاظ على الرئيس السابق حسني مبارك الذي يعد حليفاً استراتيجياً لواشنطن في المنطقة، لينتهي الأمر بواشنطن إلى الترحيب بإسقاط نظامه. وقد مضت في الطريق ذاته سياسات باريس الخارجية إبان الثورة التونسية، حيث أبدت وزيرة الخارجية السابقة ميشيل آليو-ماري استعداد بلادها لتقديم الخبرات الفنية اللازمة للرئيس السابق بن علي بهدف تمكين قواته من مكافحة ما وصفته حينها بأعمال الشغب التي استهدفت نظامه. وبسبب ذلك الموقف الخاطئ اضطرت الوزيرة لتقديم استقالتها من منصبها إثر انتصار الثورة التونسية. أما في الحالة الليبية، فلم يكن القذافي وحده الذي يطلق النار على المتظاهرين المدنيين العزل. وبينما يستنكر المجتمع الدولي الوحشية التي يواجه بها العقيد المحتجين على سياسات نظامه والمطالبين برحيله، لاحظت الافتتاحية صمت المجتمع الدولي، لا سيما واشنطن وسفارتها في العاصمة العراقية بغداد، إزاء الوحشية التي ووجه بها المحتجون على سياسات حكومة المالكي في ميدان التحرير، علماً بأن أعمال العنف التي ووجهت بها هذه الاحتجاجات في العراق قد أسفرت عن مصرع 29 مدنياً على الأقل، إضافة إلى إصابة الكثيرين واعتقال ما لا يقل عن 300 من المحتجين، بمن فيهم عدد من كبار الصحفيين والمثقفين العراقيين، تعرض معظمهم لممارسات التعذيب في سجون النظام. وإلى جانب ذلك، تخشى دول أخرى مثل الصين وروسيا من اندلاع ثورات شعبية كهذه في داخلها. وإذا ما أراد المجتمع الدولي تجاوز تناقضاته هذه إزاء ما يجري في منطقة الشرق الأوسط من ثورات شعبية مطالبة بالإصلاح والتغيير، فإن عليه أن يتعلم الدروس الثلاثة الأساسية لهذه الثورات. أولها أن ما تقوم به الجماهير في هذه الدول يعبر عن تطلعاتها وأمانيها هي، وليس على المجتمع الدولي أن يسعى إلى هندسة ما تقوم به شعوب هذه الدول بأي صورة من الصور. وثانيها أن هذه الثورات قد اشتعلت شرارتها للتو، وأن المطالب التي قامت من أجلها لا تزال بعيدة عن المنال وتتطلب المزيد من العمل والتضحيات من أجلها. أما الدرس الثالث فيتلخص في ضرورة الاعتراف بعدم وجود أي أياد خارجية تحرك ما يقوم به المحتجون في شوارع وعواصم عدد من الدول العربية الآن. فرصة للطغاة تحت عنوان "الفوضى الليبية.. فرصة للطغاة"، لفتت افتتاحية "ديلي تلغراف" الصادرة يوم الثلاثاء الماضي، الانتباه إلى أن العنف الذي تواجه به كتائب القذافي المتظاهرين، يكشف عن طبيعة تركيب النظم القمعية الحاكمة في دول أخرى عديدة. ليس ذلك فحسب، بل إن ما تشهده عدة دول عربية من حركات احتجاجية وثورات الآن، نزل برداً وسلاماً على دول أخرى مجاورة في المنطقة، التي وصفت علناً ما يحدث بأنه فجر الصحوة الإسلامية، بينما تواصل سراً جني الملايين من أرباح عائداتها من مبيعات نفطها الخام، مستغلة في ذلك ظروف الأزمة التي أحدثتها هذه الثورات في أسواق النفط العالمي. وفي حين عبرت سفينتان حربيتان قناة السويس في طريقها إلى سوريا الأسبوع الماضي -وهي المرة الأولى من نوعها منذ عام 1979- فقد رست سفينة صينية عملاقة حاملة للصواريخ في سواحل البحر الأبيض المتوسط مؤخراً، بهدف حماية برنامج ضخم لإخلاء الرعايا الصينيين من ليبيا، يشمل تسيير 15 رحلة جوية يومياً من ليبيا. وهكذا توفر الفوضى السياسية في ليبيا فرصاً ذهبية لطغاة آخرين داخل المنطقة وخارجها. انتقادات مجلس "العموم" قالت جوليان بورجر، المختصة في الشؤون الدبلوماسية في صحيفة "الجارديان" الصادرة أمس الأربعاء إن مجلس العموم انتقد سياسات لندن التي يجري تطبيقها في أفغانستان الآن. فاستراتيجية مكافحة التمرد لم تثمر، بل ربما تعود بنتائج عكسية، ما لم تبدأ الولايات المتحدة إجراء محادثات سلام مباشرة مع حركة "طالبان"، ذلك ما حواه مضمون تقرير صدر للتو من لجنة مكلفة من قبل مجلس "العموم" بتقويم الاستراتيجية الأفغانية. وتوصل التقرير البرلماني إلى أنه ربما يكون قد تحقق الهدف من شن الحرب الأفغانية -المتمثل في الحيلولة دون أن تكون أفغانستان قاعدة لتنظيم القاعدة مجدداً- منذ وقت طويل من بداية الحرب. كما تساءل التقرير عما إذا كانت للتضحيات الكبيرة، المادية والبشرية التي تقدمها بريطانيا في أفغانستان صلة مباشرة بالأهداف الجوهرية لبريطانيا. بل تشكك التقرير فيما إذا كان ممكناً تحقيق الأهداف الطموحة للحرب، مثل هزيمة حركة "طالبان" وتنظيم "القاعدة"، وبناء حكومة ديمقراطية مستقرة وفاعلة في أفغانستان. كما وصف التقرير الحملة الواسعة والباهظة التكلفة التي تشنها قوات التحالف الدولي هناك بهدف مكافحة التمرد بالفشل. وقال ريتشارد أوتاوي العضو "المحافظ" -رئيس اللجنة البرلمانية المكلفة- إن من شأن تركيز الجهود المبذولة في أفغانستان على محاربة حركة "طالبان"، مع الميل المستمر إلى الجمع بين مقاتلي الحركة وتنظيم "القاعدة" باعتبارهما عدواً مشتركاً واحداً أن يعزل هذه الجهود عن فئات أكبر من المواطنين الأفغان. ومن رأي "أوتاوي" أيضاً أن الحملة العسكرية التي يجري شنها هناك ربما باتت في خطر حقيقي، في ظل غياب قيادة سياسية موجهة لها ولأهدافها. ذلك أن من الواجب أن يكون هدف هذه الحملة هو البحث عن حل سياسي لمعضلة سياسية في الأساس. قصص النجاح الأفريقي مواصلة لافتتاحية سابقة لها في ذات الموضوع، قالت صحيفة "ذي أوبزيرفر" في عددها الأخير يوم الأحد الماضي إنه لطالما ارتبط اسم القارة الأفريقية بالحروب والفقر وممارسات الفساد المؤسسي. غير أن القارة تمكنت مؤخراً من كتابة إحدى أبرز قصص النجاح الاقتصادي عالمياً خلال السنوات القليلة الماضية. فقد نجحت القارة في التعافي من تأثيرات الأزمة الاقتصادية الأخيرة في زمن قياسي، حيث قدر معدل نموها الاقتصادي لهذا العام بنحو 5.3 في المئة لتزيد إلى حوالي 5.5 في المئة بحلول عام 2012، وهو ما يجعلها إحدى أسرع مناطق العالم نمواً. وقد تحققت هذه النتيجة بسبب الالتزام الصارم الذي أبدته القارة خلال السنوات الخمس عشرة الماضية بالإصلاح والاستقرار الاقتصادي. هذا ولا تزال القارة بحاجة إلى العون الخارجي، غير أن من الواجب توجيه هذا العون وتسخيره لدعم مجالات محددة مثل الصحة والتعليم. كما يجب أن يساهم العون الخارجي للقارة في استقطاب الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية، فضلاً عن المساعدة في خلق الوظائف الجديدة. إعداد: عبدالجبار عبدالله