فشل إسرائيل في الاندماج بالمنطقة... وتداعيات اقتصادية للثورة الليبية سياسة نتنياهو اليمينية، واستقرار تركيا في منطقة مضطربة، وتأثير الأزمة الليبية على الاقتصاد العالمي، والحاجة إلى التدخل العسكري لإنهاء المشكلة الليبية... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. نتنياهو والمواقف "اليمينية" انتقدت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي الطريقة التي يتعاطى بها نتنياهو، مع التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة واستمراره في التمسك بمواقفه اليمينية المعروفة، حيث حذر في خطابه أمام الكنيست في الأسبوع الماضي من بوادر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، مهنئاً نفسه بموقفه السابق الرافض للانسحاب من غزة في عام 2005 ومؤكداً في الوقت نفسه وجهة نظره الداعية إلى تواجد إسرائيلي دائم في وادي الأردن كجزء من أي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين لمنع حسب قوله "تسلل" أطراف إقليمية إلى الضفة الغربية. والغريب تقول الصحيفة أن نتنياهو الذي عبر عن اندهاشه من رفض رئيس السلطة الفلسطينية، استئناف المفاوضات المباشرة بين الطرفين لم يتطرق إلى الشروط التي يفرضها والكلام الأجوف الذي يتقدم به إلى الفلسطينيين، والفاقد لأي معنى مثل اقتراح دولة مؤقتة على الفلسطينيين مع الاستمرار في الاستيطان، الذي يرفض نتنياهو تجميده رغم عرقلته الواضحة لعملية السلام، وفي ظل هذا الوضع من الطبيعي، ترى الصحيفة، أن ينظر المجتمع الدولي إلى وعود نتنياهو بنوع من الشك، وهو ما عكسه رد المستشارة الألمانية على نتنياهو في المكالمة الهاتفية التي أجراها معها مشتكياً من موقف ألمانيا في مجلس الأمن الدولي الداعم لقرار إدانة الاستيطان، حيث احتدت عليه وسألته عما قدمه هو من أجل السلام عدا شراء المزيد من الوقت لتأبيد حكم "اليمين" في إسرائيل، والقضاء على أي فرصة للسلام، وفي الأخير تحذر الصحيفة من عزل إسرائيل على الصعيد الدولي بسبب السياسات "اليمينية" الحالية التي تعيق اندماج إسرائيل في النظام الإقليمي المتشكل. قلعة الاستقرار وسط الأجواء الملبدة بعدم الاستقرار في الشرق الأوسط واندلاع الثورات والانتفاضات في بلدان عربية يرى الكاتب والمعلق الإسرائيلي "زفي بارئيل" في مقاله المنشور يوم الأحد الماضي على صفحات "هآرتس" في تركيا واحة الاستقرار في المنطقة، فبعد تونس ومصر تتهيأ بلدان أخرى مثل ليبيا واليمن لدخول مرحلة اضطرابات توحي بتغيرات كبرى في الشرق الأوسط لتبقى تركيا الوحيدة التي استطاعت على مدى السنوات القليلة الماضية تصفية خلافاتها مع الدول المجاورة بدءاً من سوريا التي ناصبتها العداء في التسعينيات وليس انتهاء بالعراق الجديد وإيران كما سعت إلى تعزيز علاقاتها مع كافة البلدان العربية، لكن علاقة الصداقة التي كانت تجمعها مع إسرائيل تراجعت بشكل ملحوظ على خلفية حادثة أسطول الحرية، وفي هذا الإطار سعى أحد مراكز البحث التركية المقرب من رئيس الوزراء إلى تجسير الهوة والبحث في مستقبل العلاقات الثنائية من خلال عقده لمؤتمر ضم شخصيات تركية ونظيراتها الإسرائيلية، وقد كان لافتاً إقرار الباحثين الأتراك بأن بلادهم لم يعد يضيرها استمرار العلاقات في تشنجها، لأن ذلك لا يؤثر بتاتاً على الوضع الاستراتيجي للبلد، وهو ما عبر عنه مثلاً البروفيسور "مليها أتونسكين" من جامعة أنقرة الذي يورد الكاتب تدخله قائلًا "لم يعد يجمع تركيا وإسرائيل أعداء مشتركين في المنطقة لذا اختفت المصالح الاستراتيجية المشتركة"، مضيفاً أن الأتراك اليوم يتساءلون ما الذي سيكسبونه من صداقتهم مع إسرائيل بعد تقوية علاقاتهم مع جميع دول المنطقة، ويبني الكاتب على هذا الموقف التركي المستجد ليدعو نتنياهو والحكومة إلى النظر جدياً في المطالب التركية المركزة على الاعتذار وتقديم تعويضات لأنه ثمن يسير تقدمه إسرائيل لاسترجاع صداقة تحتاجها الدولة العبرية في هذه الأوقات المضطربة في الشرق الأوسط أكثر من تركيا المنفتحة على العالم. التأثير الليبي: خصصت "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي للحديث عن تداعيات الثورة الليبية على الوضع الاقتصادي العالمي، لا سيما في ظل التداخل والاعتماد المتبادل للاقتصادات الدولية، وهي في هذا السياق تدعو الصحيفة السياسيين إلى مصارحة الرأي العام الإسرائيلي في حالة ارتفاع سعر البترول إلى مستويات كبيرة بعدما تجاوز عتبة المائة دولار في الأيام القليلة الماضية وما سيحدثه ذلك من ضغط على الاقتصاد الإسرائيلي وبخاصة فيما يتعلق بفاتورة الطاقة العالية وتأثيراتها على التضخم ورفع أسعار الفائدة، الأمر الذي يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي، فرغم أن الإنتاج النفطي لليبيا لا يمثل سوى 2 في المئة من مجمل الإمدادات العالمية، وتعهد باقي الدول الكبرى في منظمة "الأوبك" برفع إنتاجها لتعويض أي خلل في الإمدادات، تبقى التداعيات حسب الصحيفة واضحة حيث اهتزت الأسواق العالمية وزاد الطلب على النفط ليرتفع سعره إلى مستويات تعود بنا إلى سنوات ماضية، مع الفرق أن الاقتصاد العالمي قبل الأزمة كان قادراً على تحمل ارتفاع سعر الطاقة في حين لا يستطيع اليوم، وهو مازال في حالة الضعف بعد الأزمة، وتحذر الصحيفة أيضاً من تداعيات ما يجري في ليبيا، ليس فقط على إمدادات المواد الأولية، بل أيضاً على المواد الغذائية التي سترتفع أسعارها، ولعل ذلك ما يفسر في نظر الصحيفة اختلاف ردود الأفعال الدولية في التعامل مع الانتفاضتين المصرية والليبية، إذ في الوقت الذي سارعت فيه الولايات المتحدة إلى الضغط على مبارك بالتنحي ومغادرة الحكم، تجد الحكومات الأوروبية اليوم صعوبة في توجيه مثل هذا النداء إلى الزعيم الليبي خوفاً من إقدامه على حرق آبار النفط، أو ضرب المصافي ما قد يخل بالإمدادات النفطية إلى أوروبا. أميركا والفرصة الضائعة: في مقالها المنشور بـ"يديعوت أحرنوت" يوم أمس الثلاثاء تدعو المعلقة الإسرائيلية "جيورا إيلاند" الولايات المتحدة إلى استغلال ما يجري حالياً في ليبيا من اضطرابات لإعادة نفوذها إلى الشرق الأوسط والتصدي للتوسع الإيراني في المنطقة، فحسب الكاتبة ليس هناك أفضل من الوقت الحالي لتأكيد القوة الأميركية، فليبيا التي تمر بمخاض عسير تحظى بتوافق عالمي وإقليمي بصعوبة ما يجري فيها من قتل وضرورة تغيير النظام الذي لم يعد يناسب المرحلة المقبلة، وهو ما أكده الشعب الليبي نفسه عندما طالب، على حد قول الكاتبة، بمساعدته للتخلص من النظام، ودفاعاً عن رأيها ترى الكاتبة أن أوروبا هي الأكثر تضرراً من استمرار الاضطرابات الليبية دون حل في الأفق لأنها تعتمد على إمدادات النفط الليبية، كما تخشى من تدفق المهاجرين إلى سواحلها، ناهيك عن احتمال ظهور "القاعدة" كلاعب في البلد بسبب الفراغ الذي قد يحصل في السلطة، لذا ترى المعلقة أن الحل يكمن في تحرك حلف شمال الأطلسي يبدأ أولاً بفرض منطقة لحظر الطيران فوق الأجواء الليبية لمنع القذافي من استخدام الطائرات ضد شعبه، ثم يتطور الأمر لاحقاً إن استمرت حالة الانفلات الأمني إلى تحرك بري يطيح بالنظام، مؤكدة أن الأمر في ليبيا لا يختلف كثيراً عن البلقان، حيث لجأ الحلف إلى التدخل حتى دون ترخيص من الأمم المتحدة، وبالإضافة الجانب الإنساني الذي تركز عليه الكاتبة وتدعو للتدخل في سبيله هناك الجانب الجيواستراتيجي متمثلاً في منع ظهور قوى في المنطقة تزاحم الغرب ريادته. إعداد: زهير الكساب