تستعدّ إمارة أبوظبي في الوقت الحالي لإطلاق القمر الاصطناعي "Y1A" كأول قمر اصطناعي تمتلكه وتديره لمصلحتها، وقد أعلنت شركة "الياه سات"، المملوكة لحكومة أبوظبي، أنه سيتم إطلاق القمر قبل نهاية الربع الأول من العام الجاري من محطة الفضاء الأوروبية "كورو" الواقعة في فرنسا، وسيغطي هذا القمر مناطق الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا وجنوب غرب آسيا، وسيتم التحكم في هذا القمر وإدارته بالكامل من أرض أبوظبي. يعتبر إطلاق القمر الاصطناعي "Y1A" بمنزلة الخطوة الأولى التي تخطوها إمارة أبوظبي على طريق دخول عصر الفضاء، والانضمام إلى قائمة البلدان التي لديها القدرة على توظيف تكنولوجيا الفضاء المتطورة في خدمة أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، ويأتي اهتمام أبوظبي بالدخول إلى عصر الفضاء كهدف استراتيجي تضعه الإمارة على قائمة أولوياتها في إطار رؤيتها المستقبلية "الرؤية الاقتصادية لإمارة أبوظبي 2030". إن دخول عصر الأقمار الاصطناعية بإطلاق القمر الاصطناعي "Y1A" المزمع يتيح لإمارة أبوظبي ولدولة الإمارات كلها الاستفادة من الخدمات التي توفّرها تكنولوجيا هذه الأقمار، بداية من خدمات نقل إشارات التلفاز وخدمات الاتصالات وتبادل المعلومات، مروراً بخدمات الأرصاد الجوية والملاحة الجوية والملاحة البرية "GBS"، والأهم من ذلك كله، فإن الأقمار الاصطناعية تعدّ واحدة من أهم أدوات الاستكشاف والبحث العلمي في العصر الحديث، وهو الاستخدام الأكثر أهمية، الذي يمكن لإمارة أبوظبي ولدولة الإمارات الاستفادة منه في دعم مسيرتها التنموية بشكل كبير خلال السنوات المقبلة. وفي المجمل فإن الخدمات التي من المنتظر أن يوفرها القمر الاصطناعي "Y1A" إلى جانب القمر الاصطناعي "دبي سات 1"، الذي تم إطلاقه من قبل، وما يتبع ذلك من أقمار اصطناعية تقوم دولة الإمارات بإطلاقها في المستقبل، ستكون لها عظيم الأثر في الاقتصاد الوطني الإماراتي. فتطويع تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية وما توفّره من خدمات معلوماتية واستكشافية وعلمية في خدمة الأهداف التنموية الوطنية يمثّل خطوة محورية على طريق بناء ما يسمّى "الاقتصاد المبنيّ على المعرفة"، تمهيداً لانضمام الإمارة والدولة كلها إلى قائمة البلدان الأكثر تقدّماً على مستوى العالم، عبر زيادة المكوّنَيْن المعرفي والإبداعي في المنتَج الوطني. وإلى جانب أن امتلاك تكنولوجيات الأقمار الاصطناعية قد بات من ضرورات التطور الاقتصادي والتنموي للدول، فإن هذه التكنولوجيا أيضاً أصبحت تمثّل واحدة من أهم الآليات والأدوات المهمة التي تسعى الدول إلى امتلاكها لضمان استقرار تدفّق المعلومات وأمنها عبر شبكة المعلومات العنكبوتية، التي باتت تمثّل الوسيط الرئيسي لإنجاز العديد من الخدمات عبر الحدود الدولية، خاصة الخدمات المالية والمصرفية وخدمات السياحة والسفر وخدمات الهاتف المتحرك، وهي قطاعات تحتلّ موقعاً مميزاً ضمن الأولويات التنمويّة لأبوظبي ولدولة الإمارات كلها في الوقت الحالي. إن دخول أبوظبي عصر الأقمار الاصطناعية لن تقتصر فوائده على توفير بديل محلّي لتلك الخدمات المهمّة فقط، وبالتالي مصدر آمن لجميع الخدمات المنقولة عبر الأقمار الاصطناعية، وما يترتب على ذلك من مزايا عدة مرتبطة بقضايا أمن المعلومات واستقرار أسواق الخدمات في الدولة، بل إن توافر هذه الخدمات عبر بديل وطني سيقلّص كثيراً حجم النفقات التي دأبت الدولة على تخصيصها من موازنتها السنوية لتوفير تلك الخدمات عبر أقمار اصطناعية مملوكة لدول أخرى من داخل المنطقة أو من خارجها، وهو ما يعني إعادة توجيه هذه الفوائض المالية إلى أغراض استثمارية وتنموية أخرى أكثر أهمية في المستقبل. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية