الحادثة التي قتل فيها أحد أفراد "شرطة عجمان" قبل أيام إثر تلقيه طعنات بالسيوف من إحدى العصابات، تسلّط الضوء بوضوح على إحدى الظواهر الأمنية المقلقة التي انتشرت في الفترة الأخيرة، وهي "انتشار السلاح الأبيض واستخدامه"، وكيف أنها يمكن أن تشكّل تهديداً لأمن المجتمع واستقراره، خاصة في ضوء الإحصاءات والتقارير التي تشير إلى أن هذه الظاهرة في تزايد. إن انتشار السلاح الأبيض يعدّ من الظواهر المستحدثة والدخيلة على المجتمع الإماراتي التي لم يألفها من قبل، خاصة أن هذا السلاح قد أصبح يستخدم بصورة متكرّرة في مناسبات مختلفة ومن جانب فئات عدّة، لم تعد تقتصر على المجرمين أو بعض العصابات وحسب، وإنما امتدت إلى الطلاب الصغار في المدارس، والشباب في النوادي والتجمّعات العامة أيضاً. ولعلّ المتابع لأخبار الحوادث في الصحف المحلية في الفترة الأخيرة سيلحظ بوضوح كيف أن هذه الظاهرة باتت تقف وراء كثير من حوادث العنف المجتمعي، التي يتم فيها استخدام السلاح الأبيض من سيوف وخناجر وآلات حادة وغيرها، وتكون نتيجتها في الأغلب إصابات بالغة وأحياناً تؤدّي إلى الموت. لقد شهد العام الماضي حادثة مأساوية حينما قام بعض المراهقين بتوجيه طعنات عدّة إلى طفل يبلغ من العمر 13 عاماً أدت إلى وفاته، ناهيك عن عشرات المشاجرات التي استخدمت خلالها السيوف والسكاكين والآلات الحادة. وخطورة هذه الظاهرة لا تتوقف عند هذا الحد، بل إنها قد تؤدّي إلى ظواهر سلبية أخرى، كانتشار الجرائم والسرقات وعمليات السطو، ناهيك عن انتشار العنف كأسلوب في تسوية الخلافات بما يهدّد أمن المجتمع واستقراره. لا شكّ في أن أجهزة الأمن تقوم بدور كبير في التصدّي لمثل هذه الجرائم المستحدثة وغيرها، وقد أكد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، بوضوح أن "المؤسسة الشرطية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي فرد تسوّل له نفسه الإخلال بالأمن" في المجتمع الإماراتي، ويمثّل إلقاء القبض على العصابة التي نفذت جريمة قتل الشرطي في إمارة عجمان بعد مرور 12 ساعة فقط من وقوع الجريمة، إشارة مهمّة إلى ما تتمتّع به أجهزة الأمن من كفاءة وما تمتلكه من قدرات واسعة لملاحقة المجرمين والقبض عليهم في أوقات قياسية والحيلولة دون إفلاتهم من العقاب. ومع أهميّة الدور الذي تقوم به وزارة الداخلية وأجهزتها المختلفة في هذا الشأن، فإن الأمر المهم هنا هو أن ظاهرة انتشار السلاح الأبيض، وإن كانت لها أبعادها الأمنية الخطرة والأساسية، فإنها ظاهرة ذات أبعاد معقدة، اجتماعية ونفسية وغيرها، وهذا يحتاج إلى رؤية شاملة للتعامل معها تشارك فيها أجهزة مختلفة إضافة إلى أجهزة الأمن، فعلى سبيل المثال هناك حاجة إلى دراسة شاملة تقوم بها الجهات المعنية للأسباب الاجتماعية والنفسية التي تقف وراء انتشار السلاح الأبيض بين النشء والشباب، فضلاً عن الأسباب التي تؤدّي إلى استسهال استخدامه من قبلهم في أي خلافات في ما بينهم، كما أن هناك حاجة إلى مزيد من تشديد العقوبات على مرتكبي جرائم السلاح الأبيض أو مستخدميه في تهديد أمن المجتمع واستقراره. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية