إسرائيل غير مستعدة للتطورات المصرية...واستفتاء الجنوب "تجربة" للأفارقة تجاذبات أميركية مصرية حول وتيرة انتقال "السلطة"، والتطورات التي تشهدها الساحة المصرية تشير إلى محدودية النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط، وإسرائيل غير جاهزة للتغيير في مصر، واستفتاء جنوب السودان درس للأفارقة...موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. "انتقال" و"إملاءات" خصصت "واشنطن بوست" افتتاحيتهايوم الخميس الماضي، لمتابعة تطورات المشهد المصري، فتحت عنوان "مبارك قدم للمصريين أقل مما يطلبون"، نوهت الصحيفة لخطاب مبارك وما تضمنه من نقل صلاحياته إلى نائبه عمر سليمان. وحسب الصحيفة، فإن سفير مصر لدى الولايات المتحدة أخبر CNN بأن سليمان فعلياً تسلم السلطة، لكن تصريحات سليمان خلال الأيام القليلة الماضية، بالكاد مطمئنة، فنائب الرئيس قال إن مصر غير جاهزة للديمقراطية، وألقى اللوم على الضغوط الخارجية، وطلب من المصريين عدم مشاهدة القنوات الفضائية الأجنبية...مبارك وسليمان نوها إلى إمكانية رفع قانون الطوارئ المطبق منذ 1981 في حال سمحت الظروف بذلك. وبغض النظر عن الواقع الذي يصعب خلاله الحكم على دعم القوات المسلحة لكل من مبارك وسليمان، بات واضحاً أن عملية "الانتقال"، التي اقترحها النظام لديها فرصة ضئيلة لتلبية مستوى الانتقال، الذي وضعته إدارة أوباما، أي انتقال حقيقي ومنظم في اتجاه الديمقراطية التي تشمل المعارضة، وربما أن مبارك كان يقصد هذه المطالب الأميركية عندما قال "إنه لن يقبل إملاءات من الخارج". تصريحات البيت الأبيض التي تلت خطاب مبارك أشارت إلى أن "كثيراً من المصريين لا يزالون غير مقتنعين بأن الحكومة جادة في الانتقال والتوجه صوب الديمقراطية". مبارك دعا لرفع قانون الطوارئ وإجراء مفاوضات موسعة مع المعارضة والمجتمع المدني من أجل صياغة "خريطة طريق" لانتخابات حرة وعادلة. تراجع النفوذ الأميركي وفي مقاله المنشور أول من أمس الخميس، وتحت عنوان ، "هل التظاهرات المصرية تعني تراجعاً أميركياً"، استنتج "مايكل جيرسون" أن مبارك الذي حصل على مزيد من المعونات الأميركية، يبدو الآن مُحصناً من ضغوط ونصائح الولايات المتحدة، وبدأ بعض المحللين الحديث عن "ما بعد الشرق الأوسط الأميركي". وليس مهماً كون المتظاهرون يستخدمون تقنية غربية للمطالبة بحقوقهم الفردية، أو إن كثيراً منهم شباب علمانيين، يستخدمون في ثورتهم اللغة العربية والإنجليزية، ودرسوا في الولايات المتحدة، المهم أن المصريين المتظاهرين في الشوارع وجهوا مطالبهم للنظام المصري والحكومة الأميركية، هم لم يوجهوا خطاباً للجامعة العربية أو الأمم المتحدة أو الصين. الكاتب يرى أن الأميركيين وحدهم يشعرون بالذنب بسبب محدودية نفوذهم في الأزمة المصرية الراهنة. نتائج المشهد أو بالأحرى الصراع المُربك الآن في مصر ستؤثر كثيراً على المصالح الأميركية. تطورات الأحداث في مصر يحركها السياق المصري الداخلي، المتمثل في سباق الخوف والأمل الذي يتكثف يومياً ويشير إلى أميركا تستطيع التأثير فقط في هوامش الأمور. "جيرسون" تطرق إلى مقولة المفكر الأميركي "جوزيف ناي"، الذي وصف النفوذ الأميركي بأنه أشبع بكعكة من ثلاث طبقات، أولاها القوة العسكرية التي لا ينافس أميركا فيها أحد، ثم النفوذ الاقتصادي، لكن أميركا تعيش عالماً متعدد الأقطاب الاقتصادية، والطبقة الثالثة في كعكة النفوذ، تتعلق بعناصر عابرة للقوميات خيّرة وشريرة تضمن موظفي بنوك وإرهابيين، وهاكرز و"الفيس بوك"، ومن بينهم أناس استطاعوا تنفيذ هجمات سبتمبر2001 وتظاهرات المصريين في 2011. انقسام إسرائيلي في تقريره المنشور يوم أمس في "لوس أنجلوس تايمز"، وتحت عنوان "الإسرائيليون منقسمون حول طريقة الاستجابة للاضطرابات المصرية"، استنتج "إدموند ساندرز" أن ثمة انتقادات مفادها أن قادة إسرائيل بدوا غير مستعدين، لاحتمال حدوث تغيير في مصر، علماً بأن معاهدة السلام الشامل التي تم إبرامها عام 1979 بين القاهرة وتل أبيب تعد حجر الزاوية في استقرار إسرائيل. وحسب التقرير، فإن الضغوط المتنامية على مبارك، وحالة عدم التأكد تجاه نوع الحكومة الجديدة التي ستتولى زمام الأمور في مصر، تؤججان قلق الإسرائيليين وتُسعر نقاشاتهم حول الخطوة التي يتعين على تل أبيب اتخاذها حيال التطورات المصرية. وثمة توقعات إسرائيلية من بينها ما قاله "يوسي ألفر" المتحدث الحكومي السابق في محادثات السلام، فهو يرى أن المشهد المصري سيجعل "صقور" إسرائيل أكثر تشدداً، وفي الوقت نفسه، سيجعل "حمائمها" أكثر لطفاً". أما "جورج فريدمان" المدير التنفيذي لشركة "ستراتفور"، فيرى أن إسرائيل انهمكت في مواجهة تهديدات أقل خطورة كتلك التي تشكلها "حماس" أو "حزب الله"، وركنت إلى علاقات مع مصر البلد الذي يمثل تهديداً وجودياً أكثر خطراً على إسرائيل، وأن تل أبيب ركزت على حكومة مبارك كما كانت باقية للأبد" ما بعد الاستفتاء في افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي، وتحت عنوان "السودان بعد الاستفتاء: اختبار لأفريقيا"، استنتجت "كريستيان ساينس مونيتور" أن السودان أكبر بلد في أفريقيا يمكن اعتباره مختبراً لكثير من التحديات التي تواجه القارة. والسؤال الآن: هل حكومة جنوب السودان المستقلة حديثاً سيكون لها سبق في مواجهة تلك التحديات. وحسب الصحيفة، فإن التصويت على الاستفتاء الذي جاءت نتيجته بانفصال جنوب السودان، مناسبة تستحق الاحتفال، تحققت عن طريق استفتاء سلمي، وبعد حرب أهلية هي الأطول في القارة. أوباما وصف نتائج الاستفتاء بأنها واعدة و"أقرب ما تكون للإجماع، وأن الولايات المتحدة ستعترف في يوليو رسمياً بجنوب السودان. ملايين من الناخبين، اختاروا مستقبلهم، وقطعوا خطوة أخرى جديدة، في رحلة أفريقيا الطويلة تجاه العدالة والديمقراطية". وتشير الصحيفة إلى أن السودان وغيرها من الدول الأفريقية، قد تم رسم حدودها خلال الحقبة الاستعمارية، بحيث شملت عرقيات وثقافات، وهذا ما يجعل معظم دول القارة تخشى إعادة رسم الحدود التي رسمها الاستعمار، خشية إشعال حروب حول انفصال أجزاء من تلك الدول. وخلال العقدين الماضيين، أسفرت الحرب بين شمال وجنوب السودان إلى سقوط مليوني قتيل، مما جعل الاتحاد الأفريقي يبارك استفتاء جنوب السودان، وذلك رغم أن تلك الخطوة، قد تشجع انفصال أقاليم أخرى في بلدان مثل نيجيريا وأنجولا والكونجو. ولمحت الصحيفة إلى ثروة السودان النفطية حيث أن نفط جنوب السودان يتم نقله وتسويقه عبر الشمال، فهل تسفر المفاوضات بين الطرفين خلال الشهور المقبلة عن اقتسام لعوائد النفط؟ وهل سيتم استخدام تلك العوائد في التنمية المحلية ورفع مستوى معيشة الشعب، أم ستعصف بها قوى الأمن والفساد؟ ما يريده شعب جنوب السودان، هو الحرية من الطغيان والقمع، والقارة الأفريقية سوف تراقب ذلك وتأمل في نجاح الجنوبيين، كي تستفيد بلدان القارة منهم في حل كثير من التحديات. إعداد: طه حسيب