على رغم التوتر والقلق اللذين يسيجان واقع الحياة اليومية هنا في العاصمة الأفغانية كابول، إلا أن هذا الرجل المسن لا يرى فيها أي داعٍ يدفعه لقطع هذه اللحظة الهانئة الهادئة التي يرتشف فيها على مهل كأس الشاي. فعمره المديد، الذي تركت معه تجارب ومرارات التعامل مع الحياة والناس من الندوب والذكريات ما تغضنت معه القسمات بالتجاعيد واشتعل به الرأس شيباً، يمده بقدرة غير محدودة على التكيف مع تعقيدات الواقع الخارجي، وعلى استيفاء كافة أسباب التوازن الداخلي. أما ما قد يظهر فجأة هنا أو هناك، من وعد ووعيد موسمي تطلقه "طالبان"، أو وعود إعمار أو انسحاب يطلقها الأميركان، وسوى ذلك مما يروج في الشارع أمام ناظريه أو في وسائل الإعلام، فحظ كل ذلك منه الإهمال والتجاهل، لأن طريقه واضح واهتماماته أوضح، فهو يريد أن يحيا حياته، وفق إيقاعه الخاص البسيط، بعيداً عن الهمِّ والغمِّ وصداع الرأس بالتفكير في مشاهد عدم الاستقرار، والفقر، والتطلعات غير المتحققة، والوعود المنكوث بها. إن ما يشغله هو الأهم، في نظره، وأما البقية فمجرد تفاصيل وزوابع يقرأ الآن ن