استجابة متلعثمة للتطورات المصرية... ونهاية التعددية الثقافية في بريطانيا تطورات الأحداث في مصر، وموقف الغرب منها، وفشل التعددية الثقافية في بريطانيا، والمحادثات مع نظام كوريا الشمالية، موضوعات نعرض لها ضمن جولة أسبوعية في الصحافة البريطانية. مسؤولية الغرب في افتتاحيتها تحت عنوان "الغرب مسؤول عن رعاية وتشجيع الديمقراطية" قالت "الأوبزرفر" إن التظاهرات الحاشدة التي اندلعت في القاهرة والعديد من المدن المصرية، فاجأت معظم الدول الغربية التي كانت تنظر إلى الشعوب العربية على أنها كتلة واحدة، يغلب عليها التطرف، ولا ينتظر لها أن تثور على واقعها. ومضت الصحيفة للقول إن الولايات المتحدة والدول الأوروبية الكبرى ومن بينها بريطانيا، وجدت نفسها غير قادرة على التصرف بعد أن اندلعت التظاهرات في مصر، وما تلا ذلك من تطورات متسارعة تمثلت في تقهقر قوات الأمن واختفائها من الشوارع، ونزول الجيش وإعلان حظر التجول، ثم أحداث السلب والنهب والإحراق وإطلاق المساجين، وانتشار الفوضى. في مواجهة هذه التطورات اللاهثة تلعثم الغرب وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة وبريطانيا، الأكثر انخراطاً في المنطقة، واعلنوا جميعا وإنْ على نحو غير قاطع تأييدهم لمطالب الحرية والديمقراطية، ودعوا السلطات المصرية للاستجابة لها وبعد ذلك أدركوا فجأة متأثرين هذه المرة باعتبارات السياسة الواقعية أن تشجيع الديمقراطية في بلد بأهمية مصر وعقد انتخابات حرة نزيهة، قد يأتي بالإسلاميين إلى السلطة فتراجعوا عن تصريحاتهم الأولى واستبدلوها بتصريحات أكثر ليناً، وأكثر ميلاً لتقديم النصح والمشورة للنظام الحاكم بإجراء الإصلاحات التي يطالب بها المتظاهرون وفتح فضاء الممارسة السياسية. وترى الصحيفة أن الرهان على الحل الديمقراطي، حتى وإنْ كان هو الآخر لا يخلو من مخاطر على مصالح الغرب الحيوية، فإنه أخف وطأة بكثير من دعم الأنظمة السلطوية، حيث يستطيع الغرب أن يدعي أنه يقف إلى جانب القيم والمبادئ، وأن يتاح له الوقت الكافي لاتخاذ السياسات والترتيبات التي تمكنه من تقليص مدى الخطر الذي قد يتعرض له لأقل حد ممكن. التعددية الثقافية وتحت عنوان:" التعددية الثقافية والصورة الكاريكاتيرية الساذجة التي رسمها "كاميرون" لها لا تحل أي مشكلة"، قالت "الأوبزرفر" في افتتاحيتها إن التعددية الثقافية، تعد واحدة من أكثر الكلمات مرونة في القاموس السياسي البريطاني، لدرجة أنها يمكن أن تعني أي شيء يريده السياسي وأشارت الصحيفة إلى الكلمة التي ألقاها "كاميرون" في مؤتمر ميونيخ للأمن، ورسم فيها صورة كاريكاتيرية غير مقنعة للتعددية الثقافية، وأكد خلالها أن سياسة التعددية الثقافية التي اتبعتها بريطانيا على مدى العقود الأخيرة قد فشلت فشلاً ذريعاً، وأنها لم تنجح في تحقيق الدمج بين الجاليات المختلفة التي تعيش في بريطانيا، حيث اختارت معظم تلك الجماعات العرقية العيش في شبه "جيتوهات"، والاحتفاظ بعاداتها وتقاليدها، دون أي محاولة للاندماج في المجتمع الكبير، وأن ذلك قد أتاح الفرصة للآراء المتطرفة والجماعات الإرهابية للظهور بل وضرب المجتمع البريطاني نفسه. وقال "كاميرون" إن بريطانيا قد تساهلت أكثر من اللازم في تطبيق القوانين خوفاً من إثارة الحساسيات السياسية، وأن ذلك شجع أفراد الجاليات المختلفة على التصرف بنفس الطريقة التي كانوا يتصرفون بها في مجتمعاتهم بل وعلى ارتكاب نوعيات من الجرائم كانت غير معروفة في المجتمع البريطاني مثل القتل من أجل الشرف والزواج القسري، وغير ذلك من جرائم وسلوكيات لا تتماشى مع مبادئ الحضارة الغربية. ودعا "كاميرون" إلى أعادة التأكيد على قيم الحرية والديمقراطية، وإلى تطبيق نوع من الليبرالية المفتولة العضلات في التعامل مع الجاليات، والتشديد على ضرورة التزام هذه الجاليات بقيم المجتمع البريطاني، ومبادئه، وسياقه العام. وأيدت الصحيفة دعوة كاميرون ولكنها قالت إن البلاغة الخطابية التي تحتل العناوين الرئيسية في الصحف التي يميل إليها كاميرون، ليست بكافية في حد ذاتها، بل إن الأمر يتطلب قيام الحكومة برسم سياسات ملائمة، تعمل على تعزيز دمج الجاليات، واتباع السياسات، التي تؤدي لذلك، على أن تراعي الحكومة وهي تقوم بذلك عدم الخلط بين الأديان والعقائد التي تؤمن بها تلك الجاليات والعرقيات وبين النسخ المتطرفة بينها، كما يحدث مثلاً في الخلط بين الدين الإسلامي وبين النسخة المتطرفة منه الممثلة في جماعات الإسلام السياسي، لأن الخلط يترتب عليه فهم خاطئ، ومن ثم سياسات خاطئة. نوع الثورة وفي مقاله المنشور يوم الاثنين الماضي بـ"فاينانشيال تايمز"، والمعنون بـ "ما هو نوع الثورة التي ستختارها مصر" قال "جيدون ريتشمان" إن التطورات الحادثة في مصر دراماتيكية ولاهثة لدرجة أن أي متابع يظن أن كل تطور منها يمثل نقطة فارقة في مسار الأحداث. ويقول أيضاً إن بعض أنواع الثورات يمكن أن تمتد لشهور بل ولسنوات في بعض الأحيان، وإنه يرى أنه حتى لو حدث هدوء نسبي في مصر، فإن ذلك الهدوء لن يكون سوى مجرد هدنة تستأنف الدراما بعدها فصولها. ويمضي الكاتب بعد ذلك للقول إن الذكريات الكامنة في أذهان الأوروبيين عن الكيفية التي تطورت بها ثورات سابقة، تجعلهم ينظرون إلى التطورات الحادثة في مصر بنوع من التخوف الذي يقف على تخوم التشاؤم. فالثورات إذا طالت بها المدة لا بد وأن تصبح أكثر راديكالية مع مرور الوقت، كما حدث في الثورة الروسية حيث طرد البلاشفة المتطرفون العناصر المعتدلة التي ظهرت عقب الثورة على القيصر مباشرة. ويمضي الكاتب للقول إنه عندما يزداد التطرف فإن احتمالات صدام تلك الثورات مع العالم الخارجي يتزايد، وأن على المحتجين في ميدان التحرير أن يختاروا نوع الثورة التي يريدون أن يكونوها: هل هي ثورة ضد الأوضاع الفاسدة ودعوة إلى الشفافية والنزاهة والانتخابات الحرة والقيم الليبرالية والديمقراطية.. أم هي ثورة على الفساد، تنظر بعد ذلك للوراء وتدعو للعودة للأصول. فهذا الاختيار -في رأيه - هو الذي سيحدد مصير الثورة ويحدد بالتالي التداعيات التي سيكون لها انعكاس على المنطقة والعالم بأسره. لا جدوى في مقاله المنشورة بصحيفة "ديلي تلغراف في عددها الصادر أول من أمس الثلاثاء تحت عنوان" هل هناك أي جدوى من الحديث مع كوريا الشمالية" قال بيتر فوستر تعليقاً على المفاوضات بين كوريا الجنوبية ونظام كوريا الشمالية، التي بدأت مرة أخرى على الرغم من أنه لم تمر سوى فترة قصيرة على قيام الجيش الكوري الشمالي في عمل استفزازي ليس له مبرر بقصف جزيرة كورية جنوبية ما أسفر عن مصرع اثنين من المدنيين واثنين من العسكريين،ويقول الكاتب إنه من الغريب أن تتوقع كوريا الجنوبية أو الولايات المتحدة أو أي دولة من الدول المشاركة في المحادثات مع هذا النظام أن تؤدي المحادثات هذه المرة لنتيجة تختلف عن النتائج التي تمخضت عنها المحادثات السابقة. فتلك المحادثات عادة ما تستغرق وقتا طويلًا وينتهي الأمر بالمتفاوضين إلى الاتفاق على نقاط أو بنود كي تقوم الأطراف والطرف الكوري الشمالي بتنفيذها، وأن ما يحدث في كل مرة أن نظام بيونج يانج بما يتم الاتفاق عليه، وحتى إذا ما التزم فإنه لا يواصل التزامه، بل يتراجع ربما إلى نقطة أسوأ من النقطة التي انطلقت من عندها المحادثات السداسية التي بدأت عام 2003. وقال الكاتب إن الدول المشاركة في المحادثات فكرت في العودة لطاولة المفاوضات بعد أن حثتها الصين على ذلك بحجة أن خيار المفاوضات هو الخيار الوحيد المتاح مع نظام الكوري الشمالي. وقال الكاتب: رغم أن البيت الأبيض الأميركي والبيت الأزرق الكوري الجنوبي، قد أعلنا أنهما سوف يعودان لطاولة المفاوضات بشرط التزام كوريا الشمالية بتفكيك برنامجها النووي، فإن سجل المحادثات التي أجريت في السابق لا يفيد أن كوريا الشمالية ستقدم أي تعهدات، بل إن موقفها قد يغدو أكثر صلابة هذه المرة. إعداد: سعيد كامل