الإمارات أسمعت العالم موقفها مما يحدث في مصر؛ عندما أكدت على أهمية استقرار مصر، وعلى ترك الشعب المصري يحدد مصيره من دون تدخل من أحد؛ إدراكاً منها لأهمية استقرار مصر باعتبارها ركيزة للأمن والاستقرار الإقليمي. والموقف الإماراتي هو رسالة سياسية قوية لتوضيح الحقائق في وقت مهم وفي لحظة عربية حساسة. ويخطئ من لا يفهم أهمية استقرار دولة عربية بحجم مصر. هذا مدخل مهم لحالة الترقب والانتظار التي يعيشها المواطن العربي لما يمكن أن يحدث في العديد من البلدان العربية على خلفية الاحتجاجات التي يحاول البعض من الداخل والخارج استغلالها. العالم كله حالياً في حالة من عدم الاتزان السياسي بما يحدث في مصر تحديداً. والجميع بمن فيهم رأس السلطة السياسية، يؤيدون عملية التغيير التي بدأت بعد 25 يناير، لكنهم غير متفقين على آلية التطبيق. فما يحصل في دولة ما ليس بالضرورة مناسباً في دولة أخرى، لاعتبارات عديدة. وفي حين وجد البعض في المطالبة بتنحي مبارك عن السلطة خياراً لا يمكن التنازل عنه، هناك من يرى أن ذلك مدعاة لحالة الفوضى السياسية، خاصة وأن هناك تجارب عربية مؤلمة في مسألة فراغ السلطة بشكل مفاجئ. أمل الشباب المصري والتونسي الذي قاد الاحتجاجات العربية بنجاح كان في بناء المستقبل له ولأبنائه، بدون أهداف سياسية أو أيديولوجيات تقليدية. كان يسعى لحياة كريمة والعيش في سلام كباقي الشباب في العالم. اتبع الأسلوب السلمي في إيصال رسالته لمسؤوليه السياسيين. واستطاع أن يحقق أهدافه، على الأقل من منطق ما لا يدرك كله لا يترك كله. الشباب كانوا يريدون أن تترجم الوعود إلى سياسات وإجراءات تمس حياتهم اليومية. وعندما طلبوا ذلك لم يطلبوا المستحيل، ولم يفكروا في تخريب الوطن حتى لو كانوا على خلاف مع نظامه. لأن الأوطان تبقى والأنظمة تتغير. وعندما تأكد أنه أوصل الرسالة رجع ليكمل مشواره في الحياة. وحالياً هناك حالة من القلق لدى المحتجين من الشباب مصدرها من اعتادوا سرقة أحلامهم وآمالهم في الحياة. هناك من يتقن فن القفز على مكاسب الآخرين والعيش عليها، رغم أنهم لم يدعموا مطالب الشباب قبل الاحتجاجات. فالأحزاب العربية واقعياً "أحزاب من ورق" لا وجود لها على أرض الواقع، لا سياسياً ولا اجتماعياً، تظهر فقط كي تتقاسم "الكعكة". الأيديولوجيون من أصحاب الولاءات الخارجية حاولوا نيل بعض الكعكة السياسية، ونسوا أن أفكارهم تسببت في تدمير بعض الأوطان عندما أيقنوا أن التغيير في الدول العربية لا يأتي إلا بالقوة. الأمر تعدى "سرقة الحلم" من الخارج، فنحن في إقليم عرف عنه تواجد من احترف سرقة أحلام الشباب والسطو عليها، بل ويملك سجلاً في زعزعة الاستقرار في جواره. "ركب الموجة" كي يسرق حلم الشباب العربي كما سرقه من مواطنيه من قبل، ونسي ما يتم في العراق ولبنان من فوضى سياسية بسبب تدخلاته. كثيرون زجوا بشعاراتهم؛ فمنهم من كان شعاره المزايدة على الوطن فاستخدموا الجمال والأحصنة، ومنهم من امتطى الدين واعتبره الحل لكل المشكلات. والآخرون وجدوا في قوى إقليمية طامحة إلى التمدد دعماً لهم فكان أن سارعت هذه القوى إلى الترويج لاستنساخ نموذجها السياسي الديني! لم يكن كل ذلك في حسبان المحتجين؛ لأن المحرك الرئيسي والأساسي لهم هو البحث عن الحياة الكريمة والأمل في المستقبل فقط.