قبل بضعة أيام، وقّع أوباما على قانون لتخصيص الموارد لوزارة الدفاع، يشتمل على مادة عنوانها"اشترِ المنتجات الأميركية"، تمنع "البنتاجون" بشكل صريح، من شراء الألواح الشمسية المصنعة في الصين. ومن المعروف، أن قانون "التعافي وإعادة الاستثمار الأميركي" الصادر عام 2009 ، قد حد من استخدام حُزم التحفيز المالية، التي قدمها أوباما في شراء مواد مصنوعة في الخارج، وأن الكونجرس يتبنى في الوقت الراهن طائفة من مبادرات"اشترِ منتجات أميركية"، تركز بشكل خاص على منتجات الطاقة المتجددة المصنوعة في الصين. والواقع أن أميركا بحاجة لسياسات تستطيع من خلالها إطلاق إمكانياتها الحقيقية في مجال الطاقة البديلة، بيد أن فكرة الدخول في حرب تجارية مع أميركا تعتبر فكرة بالغة السوء في الحقيقة سواء للوظائف، أو للرخاء، والبيئة فيها. ويُشار إلى أن الصينيين نجحوا في تحدي الهيمنة الأميركية والأوروبية، في مجال صناعة الألواح الشمسية والمحركات التوربينية الهوائية، حيث يبلغ عدد الشركات والمصانع الصينية العاملة في إنتاج هاتين السلعتين نصف عدد الشركات العاملة في هذا المجال في العالم كله. والحقيقة أن هذا الأمر ليس شراً كله، حيث تشير التقارير أن المصنعين، والمستثمرين، والمستهلكين الأميركيين، يكسبون من استخدام الألواح الشمسية الصينية الأرخص سعراً، والفائقة الكفاءة أكثر كثيراً مما يخسرون. في زيارة قمت بها للصين خلال الآونة الأخيرة، طفت بمصانع الألواح الشمسية المملوكة لبعض من كبار رجال الأعمال الصينيين العاملين في هذا المجال منها مصنعو" يانجلي" و"داكاو" على سبيل المثال لا الحصر. وهذان المصنعان يستخدمان العشرات من أفران صب الصلب العملاقة المصنعة في مصنع "جي تي سولار" الأميركي القائم في مدينة ميريماك - ولاية نيوهمبشاير والذي يقوم بتشغيل 450 عاملاً، ويتحكم في 80 في المئة من السوق الصينية لصناعة الأفران، وصناعة عدد كبير من المكونات الأخرى التي يبيعها في ذلك السوق. وفي العام الماضي بلغت أرباح هذا المصنع في السوق الصينية 544 مليون دولار. و صرح "جيف نستيل - بات" المتحدث باسم هذا المصنع بأن الطلب الصيني على منتجات الشركة من الألواح الشمسية قد بات عنصراً في غاية الأهمية لاستمرار الشركة في العمل، وبقائها في السوق. وقد تبين لي من خلال زيارتي للصين أن الشركات الصينية العاملة في مجال الطاقة البديلة لا تتعامل مع هذا المصنع الأميركي الكبير فحسب، وإنما مع 12 مصنعاً كبيراً آخر في بعض الولايات الأميركية الكبرى مثل نيويورك، وميتشجن ، وتكساس، وديلاور. ورداً على ما دعا إليه البعض في الولايات المتحدة من ضرورة الدخول في حرب تجارية مع الصين لمنعها من السيطرة على سوق صناعة الألواح الشمسية في العالم، يقول "جون فاريل" عضو مجلس الإدارة المنتدب لمجموعة "ديسباتش" لتجارة آلات توليد الطاقة الشمسية:"إن الدخول في حرب تجارية، سيقضي على الصناعات العاملة في مجال الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة، لأن الألواح الشمسية الصينية رخيصة الثمن وفائقة الجودة، هي التي تدفع عملية الانتشار الواسع النطاق للطاقة الشمسية قدماً". ويضيف فاريل"ماذا سيحدث، إذا أرغمنا بعض المصانع والشركات العاملة في هذا المجال على شراء الألواح الشمسية الاميركية الفائقة الفاعلية مثل الصينية وربما أفضل ولكن الباهظة السعر في ذات الوقت؟ إن ما سيحدث هو أننا سنرفع أسعار الطاقة الشمسية... وفي رأيي أن الصناعة الأميركية في هذا القطاع ستنمو من خلال تخفيض نفقات الإنتاج وليس من خلال إقامة الحواجز والأسوار أمام المنتجات الصينية". ويقول" دا كاو" المدير التنفيذي لشركة"جونجدا ياو":"بالإضافة إلى استفادة المصنعين الأميركيين فإن المستثمرين الإميركيين يستفيدون هم أيضاً من صناعة الطاقة البديلة الصينية". ويقول "داكاو" إن شركته مثلها في ذلك مثل كبريات الشركات الصينية العاملة في هذا المجال، مدرجة في بورصة الأوراق المالية الأميركية، ويقوم المستثمرون الأميركيون بالحصول على عدد كبير من أسهمها وأسهم الشركات الصينية الأخرى المقيدة في تلك البورصات. ويقول" لو فكر الصينيون في الانتقام بسبب حصول المستثمرين الأميركيين على تلك الأسهم، فإن الحرب التجارية سوف تلحق أضراراً بالمصنعين والمستثمرين الأميركيين أكثر إيلاماً بكثير من الأضرار التي ستلحق بنظرائهم الصينيين".كما أن الانتشار واسع النطاق للألواح الشمسية الصينية الرخيصة، سيؤدي إلى ازدهار صناعة الإنشاءات المعدنية (من أجل تركيب تلك الألواح وصيانتها) وكذلك صناعة البناء، والتشييد، وهو ما سينتج عنه توفير عدد كبير للغاية من الوظائف، وتوليد طاقة وفيرة ورخيصة في آن معاً. والآليات نفسها تنطبق على صناعة التوربينات الهوائية، فكما يقول "جارث هيرون" المسؤول بالقسم التجاري الدولي لشركة"جولد ويند"، التي يوجد فرعها الرئيسي في "شينجيانج" بالصين، فإن شركته قادرة على توريد التوربينات الهوائية للولايات المتحدة، وهي توربينات تتميز بكفاءة كبيرة تجعل طاقة الريح أكثر قدرة على المنافسة مع مصادر الطاقة الأخرى مثل الفحم والنفط والذرة. وتقول "ستيفاني سبير" رئيسة شركة "إكسبدايت" للطاقة المتجددة، التي تقوم بتركيبات مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الريح في أوهايو، إذا تم تطبيق المادة القانونية المسماة "اشترِ المنتجات الأميركية" على قطاع الطاقة الشمسية وطاقة الريح، فإن ذلك يمكن أن يؤدي لارتفاع تكلفة المشروعات، وإلحاق ضرر بالغ بالجهود الرامية لاستخدام هذه الأنواع من مصادر توليد الطاقة في الولايات المتحدة الأميركية". ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ روبرت إف. كنيدي محام متخصص في الدفاع عن البيئة (ابن شقيق الرئيس الأميركي الأسبق جون إف. كنيدي) ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم.سي.تي. إنترناشيونال"