الانتقال من عصر الطاقة التقليدية إلى عصر الطاقة المتجدّدة في أي دولة يحتاج إلى تضافر بين شتى فئات المجتمع، ولا يتأتّى هذا التضافر إلا عن اقتناع تام لدى الفئات كلّها بضرورة استعمال مصادر الطاقة المتجددة بديلاً لمصادر الطاقة التقليديّة، وأن الطاقة المتجددة لم تعد من قبيل الرفاهية المجتمعيّة بقدر تحولها إلى ضرورة من ضرورات التنمية المعاصرة، كونها باتت شرطاً أساسياً من شروط استدامة هذه التنمية. لم تعد الاستفادة من مصادر الطاقة المتجدّدة حكراً على الدول المتقدّمة صاحبة التقدم التكنولوجي والعلمي، بل أصبح بمقدور الدول النامية اللحاق بهذا الركب، بل إن هناك دولاً نامية لديها فرصاً للاستفادة من بدائل الطاقة المتجدّدة أفضل من دول أخرى متقدمة، كما أن مصادر الطاقة المتجدّدة فتحت آفاقاً جديدة للدول الفقيرة في مصادر الطاقة التقليديّة، فأوجدت فرصاً لتأمين الطاقة عبر بدائل أقل ثمناً، وأكثر صداقة للبيئة، وأكثر استدامة. يحتاج الاقتناع المجتمعي بضرورة الانتقال إلى عصر الطاقة المتجدّدة إلى جهود استثنائية في مجال التوعية بهذا الشأن، وتصبح جهود التوعية أكثر فعاليّة عندما تتسم بالتوازن، وتكون شاملة لمختلف فئات المجتمع من دون استثناء، وتتسم بقدر كبير من التنوّع من حيث المضمون، ومن حيث الوسائط المستخدمة في توصيلها إلى المجتمع المستهدف، سواء أكانت عبر وسائل الإعلام المقروءة، أم المسموعة، أم المرئيّة، أم كان ذلك عبر الاتصال المباشر بالفئات المستهدفة، وهي الطريقة الأكثر فعالية. وفي إطار وسائل التوعية بأهميّة الطاقة المتجدّدة والنظيفة تحتل توعية النشء من الأطفال والشباب بهذه القضية أهميّة خاصة، وهذا يتم من خلال العديد من الوسائل، منها تحويل المدارس إلى مدارس خضراء صديقة للبيئة، كما حدث في حالة "مدرسة ليوا الدولية" التي تعدّ أول مدرسة خضراء في دولة الإمارات، التي عرضت تجربتها على هامش الدورة الرابعة لـ "القمة العالميّة لطاقة المستقبل" في أبوظبي مؤخراً. وتقوم فكرة المدرسة الخضراء على الاستعانة بالألواح الشمسيّة في توليد الطاقة الكهربائية اللازمة لأغراض الإنارة وتشغيل أجهزة التبريد والتكييف، والأجهزة والآلات المستخدمة في إنجاز الأعمال اليوميّة للمدرسة، كما تقوم المدرسة بإعادة تدوير المياه واستخدامها في أغراض الريّ والتنظيف، وكذلك زراعة مساحات خضراء في المدرسة، وتغطية جدرانها وأسقفها بطبقة من النباتات الخضراء، لتعمل كطبقة عازلة تقلّل امتصاص الحرارة، وتساعد على تنقية الهواء، ولعل مثل هذه المبادرات تجعل النشء جزءاً من منظومة العمل المجتمعي الساعي إلى التحول إلى عصر الطاقة المتجدّدة، ولعل تعميم مثل هذه المبادرة على مختلف مناطق الدولة يوجد جيلاً كاملاً لديه وعيّ تام بأهمية الطاقة المتجدّدة ومصادرها كبديل آمن ونظيف للطاقة، ولديه القدرة على استخدام هذه المصادر الحيوية في حياته اليومية. ولأن الأطفال والشباب في الحاضر هم ذخيرة المستقبل، فإن تنشئتهم على إدراك أهمية مصادر الطاقة المتجدّدة يمثل ضمانة بأن دولة الإمارات ستتحول في المستقبل القريب إلى دولة ومجتمع صديق للبيئة يعتمد على مصادر الطاقة النظيفة والمتجدّدة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية