في الماضي القريب، عاش العرب على الهواء مباشرة أحداث سقوط نظامي حكم في الشرق والغرب العربيين. ملخص ما جرى في الدولتين أن العرب إلى يومنا هذا، وبالذات في الدول التي تتدعى الديمقراطية لم يتعلموا الدرس المطلوب وهو عدم تلخيص الأوطان في إنسان. نظاما حكم يعيش فيهما العرب أينما كانوا أنظمة حكم وراثية وأخرى ثورية، النوع الأول إلى وقتنا الراهن أثبت وبالذات في بعض الدول نجاحاً فعلياً إذا ما قورن بالأنظمة الثورية. فدولة الإمارات مثلاً تعد نموذجاً متميزاً لنظام حكم نجح في تحقيق نصيب متميز من التنمية الإنسانية المستدامة، وهذا ما نفخر به نحن أبناء الإمارات، وما شهدت به التقارير الدولية حتى أصبحت الإمارات اليوم قبلة يتمنى الناس العيش فيها. في مقابل هذا النمط من الحكم هناك الأنظمة الثورية المصبوغة بديمقراطية الحزب الحاكم مدى الحياة، والتي جاءت باسم الشعب وللشعب لكنها أثبتت أن الشعب كله تلخص في ذلك الإنسان الحاكم الذي من أجله تجيش الجيوش وتمسح الأدمغة، ويعيش الوزراء لخدمته والأمة كلها ينبغي أن لا تطالب بأمر لم يأذن به هذا الإنسان، رغم أن الإنسان العربي بسيط جداً في مطالبه فهو لا يريد أكثر من منزل يأويه ومستشفى يعالجه ومدرسة يتعلم فيها ووظيفة يترزق منها وفي مقابل ذلك سيهتف بأعلى صوته عاش ذلك الإنسان. أحداث تونس بينت مدى بشاعة بعض الأنظمة العربية، فقد صرح وزير الداخلية التونسي الجديد بأن الأحداث التي شهدتها تونس أدت إلى مقتل ما يقارب 80 شخصاً وإصابة مئة وأن الخسائر المادية تقدر بنحو 2 مليار دولار، كل ذلك لأن رجلا غير مقبول من شعبه رفض أن يغادر البلاد. العالم من حولنا ضحك كثيراً علينا، فبعد أن رفضت دول الغرب استقبال الرئيس المخلوع، بدأت الكتابات عن العالم الغربي تُصاغ بمداد التجديد من جديد. ففي "الاندبندنت" حلل "باترك كوكبير" الوضع في تونس وطرح سؤالاً ذكياً ملخصه أن الكثير من الدول العربية البوليسية كما سمها وهي تواجه أوضاعاً سياسية واقتصادية واجتماعية مشابهة للوضع في تونس، فهل هي بحاجة إلى ثورة حقيقة، أم انتقال للسلطة، ونفس الجريدة تساءلت: بعد تونس هل ستتداعى الأنظمة الأخرى في شمال أفريقيا، وما هي المخاطر؟ وفي الولايات المتحدة، قالت: "الواشنطن بوست" إن هذه الثورة الشعبية كانت زلزالاً للعالم العربي كله. أما "نيويورك تايمز"، فقالت إن الوضع العربي في خطر في ظل غياب الحقوق الأساسية. أما في العالم العربي، فقد تم تحليل الأحداث وفق منظار عربي سطحي في معظم الأوقات. ولكن أعجب ما قرأت ما نشرته "المصري اليوم" من تصريح لبعض كبار علماء الأزهر حيث قالوا إن خلع الرئيس التونسي جائز شرعاً. أما الدكتور محمد عثمان، فقال إن مبدأ طاعة ولي الأمر يحكمه مبدأ عدم الخروج عن أحكام الشريعة، والدكتورة آمنة نصير فقالت الحياة الكريمة وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية هي أساس طاعة ولي الأمر.