التصريحات التي أدلى بها الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، خلال لقائه بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، في جناح "مصدر" في المعرض المصاحب لـ"القمّة العالميّة لطاقة المستقبل" في دورتها الرابعة، التي أكد فيها سموه أهميّة التركيز على جودة التعليم لتعزيز مكتسبات التنمية المستدامة، تعكس بوضوح رؤية الدولة للدور الحيوي الذي ينهض به التعليم في تحقيق أهداف الدولة الخاصة بالتنمية المستدامة. حينما يشير سمو ولي عهد أبوظبي إلى "أنه لمواصلة هذه المسيرة الخيّرة يجب علينا أن نركّز على جودة التعليم لكي تكون أجيالنا القادمة قادرة على العطاء والمحافظة على الإنجازات والمكتسبات"، فإنه يؤكّد على عدد من المعاني العميقة والمهمّة: أولها، أن التعليم النوعي والجيد ليس مفتاح النهضة والتقدّم فحسب، بل إنه السبيل إلى الحفاظ على ما تشهده الدولة من إنجازات في مختلف المجالات أيضاً. وهذا يعكس بوضوح الأهميّة الكبيرة التي توليها الدولة وقيادتها الرشيدة لتطوير واقع التعليم وبرامجه في مختلف مستوياته، انطلاقاً من حرصها الدؤوب على مواصلة تسريع الخطى لعمليات التنمية المستدامة التي تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة. المعنى الثاني، أن التعليم النوعي والجيد هو الذي يضمن التعامل بكفاءة مع الأبعاد المختلفة للتنمية المستدامة، وبصفة خاصة التحدّيات المستقبلية التي قد تواجهها، فكما تشير الأدبيات الاقتصادية، فإن التنمية المستدامة تتضمّن أبعاداً متعدّدة تتداخل في ما بينها، اقتصادية وبشرية وبيئية وتكنولوجية، من شأن التركيز على معالجتها إحراز تقدّم ملموس في تحقيق التنمية المستهدفة. والتعليم النوعي الذي يتسم بالجودة هو القادر على التواصل مع التطوّرات والمستجدات المرتبطة بمجالات التنمية المستدامة، والتعاطي مع التحدّيات التي تفرزها، وهو الهدف الذي تسعى إليه الدولة في جعل التعليم أكثر قدرة وتواصلاً مع هذه التطوّرات بكفاءة كبيرة. المعنى الثالث، أن التعليم الجيد والنوعي هو بمنزلة استثمار حقيقي في العنصر البشري، لأنه المدخل نحو إعداد أجيال مبدعة تكون قادرة على العطاء والمحافظة على الإنجازات والمكتسبات من ناحية، والتعاطي مع التحوّلات الاقتصادية والتنموية المتسارعة التي تشهدها الدولة من ناحية ثانية. وهذا يفسّر كيف أن هناك إرادة سياسية قوية تدعم خطوات إصلاح النظام التعليمي، وتساند عملية التطوير التي يشهدها هذا القطاع الحيوي بمراحله المختلفة من أجل الارتقاء به، انطلاقاً من قناعتها بأن هذا هو أفضل استثمار في المستقبل، فإذا كانت الدولة تمتلك العديد من عناصر القوة الشاملة، السياسية والاقتصادية والثقافية، فإن البشر هم أهم هذه العناصر، وأكثرها تأثيراً في الحاضر والمستقبل، ولا يمكن الحديث عن أي تقدّم أو تنمية من دون الاستثمار في هذا العنصر البشري والعمل على تطوير قدراته ومؤهلاته بشكل متواصل. إن دولة الإمارات التي قطعت شوطاً كبيراً في طريق تحقيق التنمية المستدامة بأبعادها المختلفة، قادرة على دفعها إلى آفاق أرحب وأوسع، ليس لأن نظامها التعليمي يسير بالتوازي مع هذا التطوّر فحسب، بل لأن هناك طموحاً في أن ترتقي بهذا النظام كي يصبح واحداً من أفضل خمسة نظم تعليمية متطوّرة في العالم في غضون السنوات المقبلة أيضاً. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية