أعتقد أن الدكتور برهان غليون أصاب في مقاله الأخير حين عزا موت الروح الوطنية في البلاد العربية إلى غياب الدولة، ويقصد بذلك دولة الحق والقانون والمؤسسات، أي الدولة التي تتجسد فيها المواطنة كحقوق وكحريات غير قابلة للمناقشة ولا يمكن المس بها من أي كان. ففي كثير من دول العالم العربي، تحول أبناء البلاد إلى أغراب لا يشعرون بأي غيرة على الصالح العام، وقد تملكتهم مشاعر اللامبالاة إزاء جميع القضايا، لا فرق عندهم بين اليومي الصغير والعابر، والمصيري الكبير والدائم! وليس مرد هذه الظاهرة فقط إلى عجز الدولة العربية عن تمكين المواطن من حياة كريمة تتوفر على الخدمات الأساسية وتُتاح فيها الوظيفة ومورد الرزق الكافي... ولكن أيضاً بسبب غياب القانون واضمحلال المؤسسات وسيطرة الشللية والفردية وصنوف المحسوبية. أحمد عليوي -القاهرة