جميل هو ذلك المقال الذي كتبه الدكتور عمار علي حسن هنا تحت عنوان "سعياً وراء الحرية... تجربة غاندي"، وقد قارن فيه بين نماذج ابتغت الحرية بوسائل النضال الثوري المسلح والنموذج الفريد الذي مثّله المهاتما الهندي حين اختط لنفسه وشعبه مساراً غير مألوف في مواجهة الأعداء بأساليب سلمية أجبرتهم أخيراً على الاستسلام والرضوخ لإرادة الهند، رغم ما كانت تملكه الإمبراطورية البريطانية من وسائل قوة وتمكن ونفوذ في حينه. ومشكلة الرد على العنف بالعنف أنه كثيراً ما يفقد المظلومين وأصحاب المظلوميات تعاطف العالم معهم، ومن ثم يعرِّض لفقدان التعاطف الدولي، ولمخاطر الانحراف نحو العنف من أجل العنف أو العنف الذي يأكل القضية من الداخل ويرتد عليها بعواقب وخيمة. ولنا في جنوب إفريقيا خير مثال على ذلك، خاصة بعد أن استطاعت بنضال أبناء شعبها أن تتحرر من نظام الآبارتايد، حيث عزفت قيادتها عن أي نوع من الانتقام أو العنف، مادياً كان أو معنوياً، ضد جلادي الأمس، وشرعت في فتح صفحة تاريخية للمصالحة والعفو. فلولا حكمة مانديلا لدخلت البلاد في سلسلة العنف والعنف المضاد إلى ما لا نهاية، ولما استطاعت أن تبني نموذجها التنموي الأقوى والأكثر رسوخاً في إفريقيا اليوم. لا خير في العنف إذن، وقديماً قيل: يدرك بالابتسام ما لا يدرك بالخصام! علي إبراهيم -أبوظبي