طالما اتخذت إجراءات لإغلاق المحال التجارية التي تبيع المنتجات والسلع المغشوشة في أميركا، فلماذا لا تعامل المواقع الإلكترونية المارقة والخارجة عن القانون بالطريقة ذاتها؟ فبالإضافة إلى المحتويات الإلكترونية المغشوشة، تعمل هذه المواقع على بيع الكثير من السلع والمنتجات الاستهلاكية المقلدة مثل الأحذية والحقائب اليدوية والأدوية والعقاقير الطبية المغشوشة. كما تقوم هذه المواقع بالترويج لنسخ مقلدة من أحدث مبتكرات التكنولوجيا الأميركية من البرامج التشغيلية والأعمال الموسيقية والأفلام والكتب. ويحاول الكثير من هذه المواقع إضفاء صفة شرعية قانونية على أنشطتها الاستثمارية. وكثيراً ما تنجح هذه المواقع في خداع الجمهور بمستوى تطور تصميم مواقعها، وجودة إعلاناتها، وقبولها للدفع بواسطة البطاقات الائتمانية، وغيرها من مظاهر شرعية النشاط الاستثماري. ولكن الحقيقة أن جمهور المستهلكين يحصلون على منتجات ضعيفة الجودة أو مقلدة، بينما يعرضون أنفسهم لمخاطرة كبيرة بتعريض هوياتهم للسرقة، ولمهاجمة أجهزتهم الحاسبة للفيروسات الخبيثة من قبل المواقع التي تعرض على مستخدمي الشبكة خدمات التحميل المجاني للبرامج التشغيلية والمنتجات. والملاحظ أن هذا النشاط الإجرامي يمارس بأقل تكلفة ممكنة، كما أن صناعة الملكية الفكرية تكتسب أهمية كبيرة لاقتصادنا القومي، لكونها توفر الوظائف لما يزيد على 18 مليون موظف، بينما تسهم بنسبة 60 في المئة من الصادرات الأميركية. وفي المقابل تشير بعض التقديرات إلى أن تأثير القرصنة الإلكترونية الدولية على الاقتصاد الأميركي تصل خسائره إلى نحو 58 مليار دولار. وعليه، فليس ما يبرر تسامحنا مع هذا النشاط الإجرامي، وهذا ما يوافق عليه الكثير من أعضاء الكونجرس. وفي شهر سبتمبر المنصرم رعى كل من السيناتور باتريك ليهي –ديمقراطي من ولاية فيرمونت- وأورين هاتش –جمهوري من ولاية أوتا- مشروع القانون رقم S-3804 لمكافحة الخرق الإلكتروني للقانون والغش الإلكتروني، وهو مشروع يتوقع له أن يعزز الإجراءات القانونية اللازمة للحد من انتشار هذه المواقع الإلكترونية المارقة في الأسواق الأميركية. وقد بادر 18 عضواً إضافيون من أعضاء مجلس الشيوخ، يمثلون مختلف ألوان الطيف السياسي لرعاية مشروع القانون المذكور، إضافة إلى إجازته من قبل اللجنة القضائية التابعة لمجلس "الشيوخ" بهامش أصوات 19-0 صوت. كما حظي مشروع القانون بتأييد واسع من قبل منظمات العمل والشركات الاستثمارية التي تدرك أن سرقة حقوق الملكية الفكرية لا تعني شيئاً آخر سوى سرقة الوظائف في بلادنا. ولكن هناك من الناشطين المعارضين لحماية حقوق الملكية الفكرية من يحاجج بأن من شأن مشروع قانون السيناتور "ليهي" أن يؤدي إلى إغلاق بعض المواقع الإلكترونية عن طريق إعداد قوائم سوداء ممنوعة بأسمائها. والحقيقة أن من يجادلون بهذا الرأي إما أن يكونوا على جهل أو يتجاهلون حقيقة أن النصوص القانونية التي خولت لوزارة العدل صلاحية إنشاء قوائم سوداء محظورة قد حذفت من مشروع التشريع المذكور أثناء المراجعة الرسمية التي قامت بها اللجنة القضائية لمسودة القانون في شهر نوفمبر الماضي. والحقيقة أن الأمر بإيقاف نشاط استثماري ما، أو منع الاتصال بأي من المواقع الإلكترونية، لا يصدر إلا من محكمة فيدرالية، وليس بموجب وضع أي من الاستثمارات أو المواقع الإلكترونية في قائمة سوداء. كما أن مشروع القانون قد وضع بقدر كبير من العناية والحرص بغرض التصدي لكبرى المشاكل المتعلقة باستخدامات الشبكة الإلكترونية للأغراض التجارية والاستثمارية، في ذات الوقت الذي يحفظ فيه مشروع القانون جميع حقوقنا الدستورية وتقاليدنا وأعرافنا المتعلقة بشرعية العمل التجاري وحرية التعبير. ومهما يكن اختلاف الآراء وجدل البعض ممن يعارضون مشروع القانون، فإن من المؤكد أن الطريقة المثلى لتوفير شبكة إلكترونية حرة ومفتوحة للمستخدمين، ليست هي السماح للمجرمين بتلويث الإنترنت بسلعهم الخطيرة المغشوشة، التي تشمل الترويج غير القانوني للأدوية والعقاقير الطبية القاتلة، وللبرامج التشغيلية المؤذية للحاسبات الإلكترونية. وعليه، فإن الطريقة الأمثل لتوفير خدمة الإنترنت التي نريدها جميعاً هي أن تتم عبر الإنفاذ المعقول للقوانين التي تحمي الوظائف الأميركية وجمهور المستهلكين الأميركيين. ويعني ذلك السماح للأصوات والممارسات الشرعية أن تعلو وتزدهر في أسواق أميركية تتوفر فيها السلامة والأمان والقابلية للازدهار الشرعي لمنتجاتها ومعاملاتها. وبالنظر إلى الخسائر المالية الطائلة التي يتحملها اقتصادنا القومي جراء أنشطة القرصنة الإلكترونية وعمليات الخداع والغش التجاريين عبر شبكة الإنترنت سنوياً، وهي خسائر أشارت الأرقام إلى أنها تبلغ 18 مليون وظيفة، بينما يصل خصمها من عائدات دخلنا القومي نحو 58 مليار دولار، فإن من الواجب الإسراع في المصادقة على مشروع القانون المذكور المعني بمكافحة هذا النشاط الإجرامي والحد من دوره وتأثيره السلبي على أسواقنا الأميركية. كما أن الظروف الاقتصادية الحالية، التي لا تزال تتأثر كثيراً بموجة الركود ومظاهر الأزمة الاقتصادية المالية الأخيرة، تحتم على مشرعينا وشركاتنا واستثماراتنا الشرعية، فضلاً عن اتحادات العمل ونقابات العاملين، منح تأييد واسع لمشروع التشريع الذي يعبر عن مصالح هذه الجهات مجتمعة ويحميها من أنشطة السرقة والغش الإلكترونيين. أما بالنسبة للناشطين المعارضين لمبدأ حماية حقوق الملكية الفكرية من الأساس، فعليهم أن يدركوا أن مشروع التشريع لا يهدف إلى حجب الحريات ولا تكميم الأفواه ولا الحد بأي شكل من الأشكال من حرية التعبير المقدسة في بلادنا، والمنصوص عليها في الدستور. بل القصد من وراء مشروع القانون هو مكافحة القرصنة وأنشطة الجريمة الإلكترونية التي تسلب المستهلكين حقوقهم وحرياتهم وأمنهم، إضافة إلى إلحاقها ضرراً مباشراً بالمصالح الأمنية والاقتصادية الأميركية. ------- ستيف تيب مدير أول لقسم الغش والقرصنة الإلكترونية بمركز الملكية الفكرية الدولية بغرفة التجارة الأميركية ------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"