"صبر استراتيجي" تجاه بيونج يانج...والكونجرس يعرقل إغلاق "جوانتنامو" دعوة للتخلي عن الضغائن الحزبية بعد حادثة أريزونا، وملامح استراتيجية أوباما في التعامل مع بيونج يانج، وبوادر تباطؤ البرنامج النووي الإيراني، وسيناريوهات أوباما في تقرير مصير جوانتنامو...موضوعات نضعها تحت الضوء، ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. نقطة تحول خصصت "ليز مارلانتيز" تقريرها المنشور يوم أمس في "كريستيان ساينس مونيتور"، على رصد أصداء إطلاق النار في أريزونا، على النائبة "الديمقراطية" غبريال جيفوردس. فتحت عنوان "نقطة تحول في الحركة المدنية بعد حادثة أريزونا"، رأت الكاتبة أن دعوة أوباما إلى توحيد صفوف الأميركيين بعد هذه الحادثة، يمكن اعتبارها فرصة أمام الحركة المدنية كي تتغلب على الضغائن الحزبية. ونوهت "ليز" إلى أن 86 عضواً في مجلس النواب وجهوا رسالة إلى رئيس المجلس طالبوه فيها بتخفيف عاجل للتجاذبات الحزبية، والتركيز خلال المرحلة المقبلة على شيء واحد، ألا وهو:الوحدة. معضلة بيونج يانج في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي، وتحت عنوان "الحوار مع كوريا الشمالية"، أشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه بعد عامين من التهديدات والهجمات، قد تتراجع بيونج يانج عن سياسة حافة الهاوية. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فإن قيادة كوريا الشمالية غريبة الأطوار جداً، فعلى سبيل المثال لا أحد يعرف من هو الممسك بزمام الأمور الآن، ويبدو أنه من المستحيل أن نعرف. ورغم ذلك توجد مؤشرات تدعو إلى التفاؤل، ففي يوم الاثنين الماضي، ضغطت الصين باتجاه استئناف المحادثات السداسية، التي من خلالها تنوي القوى الكبرى وجيران كوريا الشمالية، وضع نهاية لبرنامج بيونج يانج النووي، لكن المحادثات معلقة منذ عام 2008. كما شهد يوم الأربعاء الماضي أول مكالمة عبر الخط الدبلوماسي الساخن بين بيونج يانج وسيئول. كوريا الشمالية- كما تقول الصحيفة- لها تاريخ طويل في إطلاق الوعود، وتجميع المكافآت الاقتصادية، ثم الحنث بالوعود، وتفعيل أزمات والمطالبة بمزيد من المعونات لتهدئة التوتر. لكن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، تحاول آلا تقع في الخديعة مرة أخرى. لكن التطورات الأخيرة بما فيها قصف جزيرة كورية جنوبية، حملت في طياتها جرس إنذار، لإدارة أوباما كي يحثوا كوريا الجنوبية على الانخراط مع الشطر الشمالي في المحادثات، والعودة إلى المحادثات السداسية. هذه التحركات ضرورية، لكن يوجد خطر واقعي مفاده أن الحكومة الكورية الشمالية، ستسيء قراءة أي انفتاح عليها، وستفسره كنقطة ضعف، ودعوة للإقدام على خطوات تصعيدية أكبر. وترى الصحيفة أن أوباما تعامل مع الأزمة الكورية الشمالية بما يمكن وصفه منطق"الصبر الاستراتيجي"، فهو وعد بالانخراط مع بيونج يانج، وتشديد الخناق عليها من خلال العقوبات، وتقوية التحالفات الإقليمية، والانتظار من أجل عودة بيونج يانج مرة أخرى لمحادثات جادة لنزع سلاحها النووي. لكن كوريا الشمالية قابلت سياسة أوباما بمزيد من التنمر، وطردت المراقبين النوويين، وأجرت تجربة نووية جديدة وانتجت مزيداً من الوقود النووي. وقصفت في مارس الماضي، بارجة حربية كورية جنوبية، ما أودى بحياة 46 بحاراً، وقتلت أربعة كوريين جنوبيين، بعد قصف جزيرة "يونبيونج". الصحيفة نوهت إلى أهمية الدور الصيني في التأثير على كوريا الشمالية، حيث يأمل الأميركيون في أن يحاول الصينيون الضغط على بيونج يانج، كي تتخلى عن المواجهة. لكن إلى أي مدى يمكن لبكين أن تضغط على بيونج يانج، خاصة لدى الصين مخاوف من انهيار كوريا الشمالية؟ ويبدو أن المسألة الكورية ستكون على رأس أجندة المحادثات المرتقبة في واشنطن خلال هذا الأسبوع بين أوباما وهوجنتاو. التباطؤ النووي الإيراني تحت هذا العنوان، نشرت "واشنطن بوست" يوم الأربعاء الماضي، افتتاحية، رأت خلالها أن تأكيدات مفادها أن الحملة الدولية ضد برنامج إيران النووي تمضي قدماً جاءت هذه المرة من مصدر غير محتمل، وهو رئيس الاستخبارات الإسرائيلية. ذلك أن "مائير داغان الرئيس السابق للموساد قال إن إيران لا تستطيع امتلاك سلاح نووي قبل عام 2015، وذلك بسبب مشكلات تقنية. هذا التقييم يعد تغييراً كبيراً عند مقارنته بتصريحات لنتنياهو في 2009 أشار خلالها إلى أن إيران يمكنها حيازة القنبلة في العام المذكور. وطوال السنوات الماضية، كانت التوقعات الإسرائيلية للبرنامج النووي الإيراني، تسبق ما تطرحه أجهزة الاستخبارات الأميركية، حيال النووي الإيراني، فتلك الأجهزة تنبأت عام 2007 بأن إيران تستطيع امتلاك قدرات نووية خلال الفترة من 2010 إلى 2015. وتشير الصحيفة إلى أن التقديرات الأميركية والإسرائيلية للبرنامج النووي الإيراني، قد تتأرجح بسبب التركيز على كيفية التعامل مع هذا البرنامج. داجان كان معارضاً لفكرة شن ضربة عسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني، وثمة أسباب قوية تدعو لاستنتاج أن العقوبات الدولية وتلك التي تطبقها بعض بلدان الغرب، وبعض العمليات السرية قد تعرقل البرنامج النووي الإيراني، على سبيل المثال عطّل فيروس "ستوكسنت" مئات وربما الآلاف من أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، وضمن هذا الإطار اعترف نجاد، بأن هذا الفيروس أصاب أجهزة البرنامج النووي، ولقي عالمان نوويان مصرعهما وجُرح ثالث في العام الماضي، جراء عمليات اغتيال حملت طهران فيها المسؤولية على تل أبيب. العقوبات تحرم طهران من الحصول على بعض المواد المستخدمة في أجهزة الطرد المركزي، ومن دون تطوير هذه الأجهزة، ستجد طهران نفسها أمام مشكلة في تصنيع قنبلة نووية يستخدم فيها اليورانيوم منخفض الخصوبة. إدارة أوباما تستحق الدعم كونها شددت العقوبات، لكن تغير التوقيت الذي تستطيع فيه طهران حيازة قدرات نووية، لا يعني- حسب هيلاري كلينتون- أن الخطر الإيراني قد زال، أو إلحاحية المواجهة قد خفتت. الإدارة الأميركية لا تزال تأمل في المفاوضات، التي سيتم استئنافها في 20 يناير الجاري، وهذا ما يتطلب تغييراً جوهرياً في النظام الإيراني المتشدد. جوانتنامو.. متى الإغلاق؟ رصدت "لوس أنجلوس تايمز" في افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي، ما يثار في الساحة الأميركية حول معتقل جوانتنامو. الصحيفة تقول إن أوباما يستحق النقد كونه لم يعمل بجد للوفاء بوعده الرامي إلى إغلاق معتقل جوانتنامو في كوبا. وأيضاً لمراوغته حول ما إذا كان وزير العدل الأميركي سيفي بوعده المتمثل في محاكمة المتهمين بتدبير مؤامرات الحادي عشر من سبتمبر في محكمة فيدرالية، بدلاً من أن يمثلوا أمام لجان عسكرية. لكن الصحيفة تُنحي باللائمة أيضاً على الكونجرس، الذي أحبط نوايا أوباما، فخلال الآونة الأخيرة مرر الكونجرس قراراً يحظر بموجبه، استخدام الأموال الفيدرالية في نقل معتقلي جوانتنامو إلى الولايات المتحدة، أو إرسالهم إلى دول أخرى دون الحصول على ضمانات، هذا القرار وضع أوباما أمام خيارات صعبة: إما الاعتراض على القرار برمته، الذي يشمل تمويل أنشطة عسكرية لها علاقة بما يدور في العراق وأفغانستان. أو التوقيع عليه، مما يجعل إغلاق جوانتنامو أمراً أكثر صعوبة بالنسبة له. مستشارو أوباما طرحوا "خياراً ثالثاً" مفاده التوقيع على قرار الكونجرس، ثم إصدار وثيقة تجعله يُفعل صلاحياته الدستورية التي تمكنه من تمرير أمور يرفضها الكونجرس. وهناك خيار رابع يكمن في رفض القرار، لكن ذلك ينطوي على مغامرة. يبدو أن كلا الحزبين يعارضان إغلاق جوانتنامو، ونقل معتقليه إلى أميركا ومحاكمتهم، وهذا سيجعل الرئيس الأميركي أمام إغراء التقليل من أهمية مسألة جوانتنامو طوال العام الجاري. لكن هذا السيناريو الأخير تراه الصحيفة خطأ، فأوباما لا حظ أن المعتقل يعد قوة جاذبة لتجنيد عناصر جديدة من "القاعدة"، وإغلاقه ومحاكمة المعتقلين فيه أمام محكمة مدنية، سيؤكد إيمان الولايات المتحدة بحكم القانون، وأوباما في حاجة إلى توجيه رسالة بهذا المعنى إلى الكونجرس. إعداد: طه حسيب