التصريحات التي أدلى بها الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخليّة، في كلمته بمناسبة حفل تكريم فرق عمل "برنامج جائزة الشيخ خليفة للتميّز الحكومي"، مؤخراً، تؤكّد معنىً عميقاً، وحقيقة مهمّة، وهي أن الأمن ركيزة التنمية، فما تشهده الدولة من تطوّر وتنمية في مختلف المجالات هو الوجه الآخر لحالة الاستقرار الأمني الذي تنعم به، فحينما أشار سموه إلى أن "الشرطة الإماراتية باتت اليوم أمام تحدٍّ كبير للبرهنة على أن العمل الشرطي أصبح رديفاً حقيقيّاً للحضارة والإبداع والرقي، وليس حفظ الأمن والنظام فحسب"، فقد عبّر بوضوح عن الفلسفة الأمنية التي تتبناها الدولة وقيادتها الرشيدة، التي تؤمن بأن الأمن مفهوم شامل لا يمكن أن يتحقّق من دون نهضة شاملة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية كلّها. إن حصول وزارة الداخلية على 13 جائزة ووساماً من جوائز الإمارات للأداء الحكومي المتميّز هو تأكيد لنجاح السياسة التي تتبعها في التحديث والتطوير المستمرّين من أجل الارتقاء بخدماتها المقدمة إلى أفراد المجتمع، التي أصبحت تضاهي المعايير العالميّة، سواء في جودتها، أو في سرعة إنجازها. ولعل حصول دولة الإمارات العربية المتحدة على المرتبة الرابعة عالميّاً في مجال كفاءة خدمات الشرطة، وفق تصنيف "التقرير الدوليّ لتمكين التجارة" العام الماضي، يؤكّد ذلك بوضوح، فهذه المرتبة المتقدمة التي حققتها الإمارات في مجال كفاءة خدمات الشرطة، وتفوقت فيها على دول متطوّرة عديدة، تعكس المستوى المتقدم لأداء الأجهزة والإدارات الأمنيّة المختلفة في الدولة، ونجاحها ليس في تقديم خدماتها الأمنيّة بكفاءة عالية إلى أفراد المجتمع فقط، وإنما في توفير المناخ الآمن لممارسة النشاطات الاقتصاديّة المختلفة أيضاً. إن ما تشهده الدولة من إنجازات تنموية واجتماعية هو الوجه الآخر لما تنعم به من أمن واستقرار، فالمظلّة الأمنيّة هي الركيزة التي ينطلق منها الاقتصاد الوطني، وتمنحه مزيداً من الثقة، وتجذب إليه المزيد من الاستثمارات الخارجية، كما أنها في الوقت نفسه تحمي الاستقرار المجتمعي، وتدعم حالة التعايش بين مختلف الجنسيات المقيمة في الدولة، فالجميع يستظلّ بمظلة الأمن وحماية القانون الذي تحرص الوزارة على تنفيذه على الجميع من دون تفرقة أو تمييز. لا شكّ في أن الحفاظ على هذه الإنجازات هو التحدي الذي يواجه الشرطة الإماراتية، كما أشار إلى ذلك سمو وزير الداخلية، فحركة النمو المتسارع الذي تشهده الدولة في مختلف المجالات تفرز بدورها العديد من التحدّيات، وقد برزت بالفعل في الآونة الأخيرة قائمة جديدة من الجرائم تمثل تحديّاً للأمن الاقتصادي، كمحاولات الاحتيال على البنوك الوطنية والمؤسسات المالية، ومحاولات تزييف العملة والشيكات والجوازات، وهي جرائم تنطوي على تحدٍّ كبير ليس للأنظمة المالية والمصرفية في الدولة فحسب، بل لأمن المجتمع واستقراره أيضاً، وهو الأمر الذي يضاعف بدوره من أعباء الشرطة الإماراتية في مواجهة هذه التحدّيات، والتصدّي لها، وهي بالفعل قادرة على تحقيق هذا الهدف، ليس لأنها تتمتع بقدر عالٍ من الكفاءة والاحتراف فحسب، وإنما كذلك لأنها تأخذ بأسباب التطوّر والتحديث المستمرَّين لقدراتها وإمكاناتها المادية والتقنية، والارتقاء بمستوى أداء عناصرها البشرية، ما يمكّنها من تحقيق الأمن، الذي يعد بدوره المظلة التي تدفع مسيرة التنمية والتطور قُدماً إلى الأمام. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية