أوضحت البيانات التي أصدرها "المصرف المركزي" مؤخراً وجود تحسّن تدريجي في أداء القطاع المصرفي في الدولة، ويمكن قراءة ذلك عبر عدد من المؤشرات، فقد شهدت الفترة من يناير إلى أكتوبر من عام 2010 نموّاً يقدّر بنحو 15.7 في المئة في حجم القروض التي منحتها المصارف العاملة في الدولة للقطاع العقاريّ الإماراتيّ، مقارنة بالقروض التي منحتها هذه المصارف للقطاع نفسه في الفترة نفسها من عام 2009، ويعبّر نمو حجم القروض العقارية التي منحتها المصارف عن أنها قد أصبحت على ثقة بأن الاستثمار في القطاع العقاريّ الإماراتيّ قد بات أكثر أماناً مقارنة بالمراحل الأولى من "الأزمة المالية العالمية"، وأنها باتت أكثر تفاؤلاً بشأن التطوّرات المستقبلية لقيم الأصول العقارية في الدولة. كما يبدو تفاؤل المصارف العاملة في دولة الإمارات واضحاً من خلال ما خصّصته تلك المصارف للقطاع العقاري من قروض كنسبة من إجماليّ محفظة القروض التي تم منحها على مدار الأشهر العشرة الأولى من عام 2010، فقد خصّصت هذه المصارف نحو 15.8 في المئة من محفظتها الائتمانية خلال تلك الفترة للقطاع العقاريّ بمفرده، بزيادة تقدر بنحو 1.8 نقطة مئوية على نصيبه من المحفظة الائتمانية للقطاع خلال الفترة نفسها من عام 2009، عندما وجّهت المصارف نحو 14 في المئة من قروضها إلى ذلك القطاع، ويعني هذا أن المصارف أصبحت في عام 2010 أكثر اهتماماً بالاستثمار في القطاع العقاريّ الإماراتيّ، وقد يكون ذلك نابعاً من أنها أصبحت في ذلك العام على قناعة بأن المستويات التي بلغتها قيم الأصول العقاريّة في الدولة في ذلك الحين هي قيم جيدة للاستثمار، وتَعِد المستثمرين بجني هامش أكبر من الأرباح مقارنة بالأعوام السابقة. ومن بين ما تعبّر عنه المؤشرات المذكورة أن القطاع المصرفيّ الإماراتيّ يقطع يوماً بعد يوم خطوات جديدة على طريق العودة إلى ممارسة دوره كممول رئيسي للأنشطة الاقتصادية والمشروعات التنموية في الدولة، وكحلقة وصل بين أصحاب الوفرة الماليّة (المودعين)، الذين لا يملكون الخبرة والوقت الكافي لاستثمار أموالهم من ناحية، والذين لديهم مشروعات استثمارية (المستثمرين) الذين لا يجدون السيولة الماليّة اللازمة لتمويل مشروعاتهم من ناحية أخرى، وهو الدور الذي يعدّ أحد الأدوار الأساسية في تحريك عجلة النمو الاقتصادي، سواء في دولة الإمارات، أو في باقي دول العالم، خاصّة أنه يساعد على توجيه الموارد المالية في الاقتصاد إلى الوجهات الاستثماريّة الأكثر طلباً، التي تختلف بالطبع من دولة إلى أخرى، ومن مرحلة إلى مرحلة أخرى بين المراحل التنمويّة التي تمر بها الدولة نفسها. ولعل إقبال القطاع المصرفيّ الإماراتيّ بشكل متزايد على الاستثمار في القطاع العقاري في دولة الإمارات، والعودة شيئاً فشيئاً على مدار العامين الماضيين إلى ممارسة دوره التمويليّ لهذا القطاع، ليعد دليلاً على أن القطاع العقاري نفسه قد بدأ في التعافي الحقيقي من آثار "الأزمة المالية العالمية"، وهو ما يعدّ مؤشراً ذا دلالة كبيرة بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني، فمن ناحية كان القطاع العقاري هو الذي تعرّض لأكبر تراجع جراء تداعيات هذه الأزمة، ومن ناحية أخرى فإن هذا القطاع يعدّ قطاعاً حيويّاً بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني كلّه، سواء من حيث الحجم، أو من حيث التشابك والأهمية بالنسبة إلى باقي القطاعات الاقتصاديّة في الدولة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية