لم يكن حرص رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- على تكرار الإشارة إلى ضرورة تقدير المرأة واحترامها والرفق بها نابعاً من فراغ، ولم يكن أيضاً اهتمامه بطبقة الخدم والأسرى، إلا لأنه يعرف يقيناً من هم المستضعفون، الذين يعانون من قسوة المجتمع . لذلك عندما تعلن إيران أو السودان عزمهما على إعدام امرأة فإن سيل الأسئلة يتوارد لأن الرجم حتى الموت للزاني أو الزانية يتطلب اشتراطات يصعب معها الإقرار بوقوع الحادثة، ولكن على ما يبدو أن التفاخر يأتي اليوم على دمار أمثال هاتين السيدتين اللتين صارتا حديث الإعلام العالمي. والغريب أن هناك بعض الأنظمة التي تتخذ من الدين ستاراً ، لكن هذا الأخير يتكشف لاحقاً، ليتضح أن الشريعة ما هي إلا غطاء يستر أوهاماً. فقد صار استغلال الدين شماعة يركن إليها البعض، عندما يتعرض المجتمع لفساد. وعلى الضفة الأخرى فإن أنظمة أخرى أخذت شكلاً معاكساً في علاقتها بالدين حين تنصلت من كل ما يمت إليه بصلة، بدعوى درء شبهة الإرهاب على الرغم من أن كل الديانات لديها بعض الجماعات المتعصبة التي تتخذ من العنف لغة لها. ولكن المبرر الذي يتبادر دوماً لعقول البعض، هو أن التنازل أوإدعاء التحضر بالتخلي عن كل أشكال الدين وعبادته، هما ركيزة أساسية في استعراض خائب يحاول توضيح الانفتاح الكامل لدرجة وصوله إلى مرحلة صعبة من التشوهات والتراجع. والطرفان كلاهما يمارسان قهراً قسرياً يستدعي تأليب جمعيات حقوق الإنسان العالمية وغيرها من المنظمات التي تنادي باحترام الإنسان أياً كان اسمه أو دينه أو جنسيته. ويقع الظلم دوماً على المستضعفين، فالمرأة فرصة متاحة للرجم حتى لو كانت التهمة بعيدة عن الشريعة وتطبيقاتها. والشعب المشغول بهمِّه وفقره وبحثه عن مساحة حرة للحديث، هما وجهان لعملة واحدة، فالعملة هي الاستغلال باطلاقه للفئتين بلا حول ولا قوة. ويبدو أن البطولات تترى دوماً على الضعفاء ولكن فئة المتنفذين "لا مساس" بها، لأنها ببساطة حلقة من الخدمات المتبادلة، التي ابتُذلت به السياسة، وأفشلت الاقتصاد من الوصول إلى بر الأمان في أزمة عالمية للمال. هذه الدروس التأديبية التي يغتصب فيها الحق البسيط للحياة بكرامة لن تطول مدتها، لأنها ببساطة لم تعد هناك سرية أو خصوصية لتنتهك كرامة الإنسان في عتمة الليل. فالأمر اليوم حتى لو كان تافهاً فهو تحت مجهر العالم بعد أن اخترقت التكنولوجيا كل الحجب المستورة. طوبى للمستضعفين.. لأنهم بتضحياتهم ينقذون شعوباً كاملة من استبداد طال ليله.. ولأنهم من البداية لصحوة عالمية ضد الاستغلال باسم الدين وغيره.