التصريحات التي أدلى بها الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، رئيس "المجلس الاتحادي للتركيبة السكانية"، مؤخراً، خلال ترؤسه الاجتماع الثالث للمجلس، تكشف بوضوح عن رؤية الدولة وقيادتها الرشيدة لعلاج الخلل في التركيبة السكانية. فقد أكّد سموه "أن الحكومة تعمل على معالجة خلل التركيبة السكانية، بما يحقّق التوازن المطلوب بين مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها البلاد، والثوابت الوطنية العامة التي تعزّز مصالح الوطن وأبنائه، وتلبّي حقهم المشروع في مستقبل آمن وواعد يجسّد رؤية قيادة البلاد". ومنذ أن تمّ تشكيل "المجلس الاتحادي للتركيبة السكانية"، وهو يضع من السياسات والخطط التي تستهدف علاج الخلل الحالي في التركيبة السكانية، بما يتوافق مع المصلحة والثوابت الوطنية ويراعي في الوقت ذاته متطلبات التنمية والتطوير التي تشهدها الدولة في مختلف القطاعات والمجالات، فالاستراتيجيات التي أقرّها في السابق والمقترحات البنّاءة التي تمّت مناقشتها في الاجتماع الأخير تعكس بوضوح ما توليه الدولة من اهتمام بهذه القضية متعددة الأبعاد، ومن ضمن هذه المقترحات تفعيل المبادرة التي اعتمدها مجلس الوزراء بشأن العمل المرن أو العمل المؤقت، ودراسة المبادرات الخاصة بشأن إيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة في بعض المهن الهامشية ذات المهارات المنخفضة، وهي مبادرات على درجة كبيرة من العمق والأهمية. إن المنهج المتوازن، الذي يتّبعه "المجلس الاتحادي للتركيبة السكانية" في علاج مشكلة الخلل القائم في التركيبة السكانية، أثبت أنه الحل الأمثل للتعاطي مع هذه القضية من مختلف أبعادها، فهو من ناحية يتعاطى مع المعادلة الصعبة الخاصة بكيفية المواءمة بين متطلبات النمو الذي تشهده الدولة في مختلف القطاعات والحاجة إلى استقدام عمالة وافدة لتلبية حاجة هذه القطاعات، فالمقترحات والمبادرات التي يسعى إلى تطبيقها في هذا الشأن في الفترة المقبلة، والتي تقوم في الأساس على تمكين المواطنين وزيادة مساهمتهم في وظائف القطاع الخاص، وإتاحة الفرص أمامهم للعمل المرن، من شأنها أن تحدّ من تدفّقات العمالة الوافدة على المدى البعيد، وهذا من شأنه أن يعيد جانباً من التوازن المفقود في التركيبة السكانية. ومن ناحية ثانية، فإن الفلسفة التي يتعاطى بها المجلس مع مشكلة التركيبة السكانية تنطلق من فكرة تكامل الجهود والأدوار، حيث يأخذ في الاعتبار رؤى الأطراف المختلفة المعنيّة بهذه القضية المهمة، ويسعى إلى التنسيق في ما بينها وتوحيدها، بحيث تترجم في نهاية المطاف في استراتيجيات شاملة ومتكاملة، كما أن هذه الفلسفة من ناحية ثالثة تسعى إلى الربط أو الدمج بين السياسات السكانية من ناحية وخطط التنمية في الدولة من ناحية ثانية، وهذا، لا شك، تطوّر نوعيّ مهمّ على طريق تحقيق التوازن في التركيبة السكانية، خاصة أن من مهام المجلس في هذا السياق متابعة مدى تنفيذ الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية للقوانين والنظم المتعلقة بالتركيبة السكانية، بما في ذلك توطين القطاعات الإنتاجية المهمة، واتخاذ الإجراءات التصحيحيّة اللازمة في إطار توطين الوظائف المختلفة. ــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.