في إطار التوجّه الاستراتيجي الذي تتبناه الجهات القائمة على المشروع النووي السلمي للدولة، الخاصّ بإعداد البنية البشرية المواطنة في مجال الطاقة النووية، يأتي مشروع تدشين أول جامعة للهندسة النوويّة في الإمارات، لتمثل خطوة نوعية مهمة على طريق إعداد الكوادر المواطنة المتخصصة بمجال الطاقة النوويّة. فالجامعة الجديدة، والمقرر أن تبدأ برنامجها الدراسي في شهر سبتمبر المقبل، ستسهم في تلبية حاجة "مؤسسة الإمارات للطاقة النوويّة" من العنصر البشري، للعمل في المشروع النووي للدولة الذي من المقرّر أن يبدأ في عام 2017. الجانب البشري المؤهل يعدّ بلا شك أحد أهم المقوّمات المهمة والأساسية في إدارة هذا المشروع؛ ولهذا تحرص الجهات المعنية على إيجاد الكوادر المواطنة وتأهيلها وتدريبها لامتلاك المعرفة في مجال الطّاقة النووية، بما تنطوي عليه من تكنولوجيا متقدّمة ومتطورة، وهذا أحد أهم أهداف جامعة الهندسة النوويّة الجديدة. فبرنامج الدبلوم العالي في تخصص الطاقة النووية الذي تقدمه الجامعة يسعى إلى تخريج ثلاث دفعات من حملة الدبلوم العالي في الطاقة النووية، قبل الموعد المقرّر لتشغيل محطة الطاقة النووية في الإمارات عام ?2017، ليكون الخريجون المواطنون مستعدّين للعمل، وتولي المسؤولية فيها. إن ما يعظّم الاستفادة من هذه الجامعة مستقبلاً أنها تأتي في سياق مجموعة من الخطوات المتقدمة تم اتخاذها على صعيد تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، لعلّ أبرزها برنامج "بعثات الإمارات الدراسية للطاقة النووية" الذي أطلقته كلّ من "مؤسسة الإمارات للطاقة النووية"، و"الهيئة الاتحادية للرقابة النوويّة"، و"جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا"، عام 2009، ويقدّم للطلاب والطالبات الإماراتيين منحة كاملة للالتحاق ببعض أفضل جامعات العالم، للحصول على درجات البكالوريوس أو الماجستير في الهندسة النوويّة أو الميكانيكيّة أو الكهربائيّة. وما يبعث على التفاؤل أن التوجه نحو إعداد الكوادر المواطنة المتخصّصة بمجال الطاقة النووية يأتي ضمن منهج متكامل، تشترك فيه الهيئات والجهات المعنية كافة، ويعتمد في الأساس على ضمان استمرار توفير الموارد البشرية الماهرة طوال مراحل المشروع النووي السلمي كلّها، وإنشاء نظام تعليمي مستدام يضمن ضخاً مستمراً من القوة البشرية في القطاع، علاوة على الاستفادة من الخبرات البشرية والفنية في مجال الطاقة النووية في الدول المتقدّمة في تدريب العناصر البشرية المواطنة، وتمكينها من إيجاد المعرفة العلمية في هذا المجال بأبعاده المختلفة. إن التوجّه نحو إعداد البنية البشرية المواطنة في مجال الطاقة النووية يستند إلى اعتبارات مهمّة عدة، أولها أن الطاقة النووية أصبحت من أهم التخصصات النوعيّة الدقيقة التي تخدم عملية التنمية، وتسعى دول العالم للحصول عليها، والاستفادة منها في دفع خطط التنمية، ولا يمكن أن يتحقّق هذا الهدف دون توافر العنصر البشري المؤهل والقادر على توظيف هذه الطاقة في المجالات التنمويّة المختلفة. ثانيها أن الطاقة النووية تعدّ من المجالات الحيوية التي تتصل اتصالاً وثيقاً بالأمن القومي للدولة، ولذا فمن المهمّ أن يكون القائمون على إدارتها من الكوادر المواطنة التي تحرص على بذل كل جهد من أجل إنجاح هذا التوجّه. ثالثها أن إيجاد الكوادر المواطنة المتخصصة بالطاقة النوويّة يندرج ضمن توجه عام تتبناه الدولة، وهو إعداد كوادر متخصصة في مجالات نوعية، كهندسة الطيران، والرقائق الدقيقة، وتقنية الاتصالات، بصفتها المدخل نحو اقتصاد المعرفة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.