الإجراءات التي بدأت "إدارة المرور والدوريات" بشرطة أبوظبي في تنفيذها مطلع العام الجديد، الخاصة بتعديل نظام السرعات، تستهدف الوصول إلى بيئة مرورية آمنة تتوافق مع المعايير العالمية المتبعة، وتأتي في إطار استراتيجية السلامة المرورية التي تسعى حكومة أبوظبي إلى تحقيقها في غضون السنوات المقبلة، فأحد الجوانب المهمة لهذه الإجراءات أنها تستفيد من التجارب العالمية الرائدة في مجال وضع استراتيجيات السلامة المرورية، إذ إن تحديد السرعات الجديدة ارتكز على دراسات علمية وفنية للانحرافات المعيارية لحدود السرعات وحجم الحركة المرورية، واستخدامات الأراضي في المناطق المحيطة بالطرق الداخلية والخارجية في الإمارة، ومقارنتها بالممارسات الدولية والتجارب العالمية بالعديد من الدول المتقدمة، وهو الأمر الذي يسهم بالتالي في ضمان فاعلية هذه الإجراءات وتحقيق أهدافها في ضمان السلامة المرورية لشرائح المجتمع كافة. الإجراءات الجديدة تعكس بوضوح الفلسفة التي تتبعها إدارة المرور بشرطة أبوظبي في الارتقاء بالسلامة المرورية داخل الإمارة، وهي فلسفة تقوم على أساس تحديث الأنظمة المرورية وتطبيق آخر ما توصل إليه العلم من أنظمة ذكية ومواكبته، والاستفادة من ذلك في توفير أفضل معايير السلامة المرورية. ويبدو هذا واضحاً في الأنظمة المرورية التي تطبقها الإدارة، ولعل أبرزها في هذا الشأن نظام "الضبط المروري عن بعد"، الذي تمّ تطبيقه العام الماضي، وهو نظام متطوّر يقوم على متابعة حركة السير ومراقبتها في شوارع الإمارة إلكترونياً ورصد أي مخالفات مرورية بمختلف أنواعها وتحريرها وتسجيل أرقام لوحات المركبات التي قامت بارتكابها، إضافة إلى مراقبة الطرق التي تحتاج إلى تنظيم حركة سير، بالإضافة إلى استخدام أحدث التقنيات ذات الصلة في مجال المرور، وذلك بهدف ضمان انسيابية الحركة على الطرق وتوفير الحماية لمستخدمي الطريق كافة. وإضافة إلى الأنظمة المرورية الذكية التي يطبقها مرور أبوظبي، فإنها تطرح من آنٍ لآخر العديد من المبادرات المهمة التي تستهدف من ورائها الارتقاء بالوعي المروري لدى أفراد المجتمع، ليكونوا أكثر التزاماً وإدراكاً للقواعد المرورية، كما تحرص في الوقت ذاته على إيجاد كوادر مؤهلة للاضطلاع بمهام التوعية والتعليم بابتعاث الكوادر البشرية إلى خارج الدولة، للتزوّد بالعلوم الأكاديمية، واكتساب مهارات في مجال التعليم والتوعية، للاستفادة منها في نشر الثقافة المرورية وفقاً لأفضل الممارسات والمواصفات العالمية. إن توجّه شرطة أبوظبي نحو الارتقاء بالسلامة المرورية، وتوفير بيئة مرورية آمنة يتأسس على جملة من الاعتبارات المهمة. أولها، أن ذلك يعتبر المدخل الرئيسي للحدّ من معدلات الحوادث المرورية التي ما زالت تشكّل هاجساً مقلقاً، لما ينجم عنها من خسائر في الأرواح والممتلكات، والمأمول أن تسهم الإجراءات الجديدة في الحدّ من هذه المعدلات في السنوات المقبلة، لكي تصل إلى نظيرتها في الدول المتقدمة. ثانيها، أن وجود بيئة مرورية ذات مواصفات عالمية هو الوجه الآخر لحركة التطوّر التي تشهدها إمارة أبوظبي في مختلف المجالات الأخرى، بمعنى آخر، فإنها تتواكب مع ما تشهده الإمارة من تنمية اقتصادية ونهضة عمرانية، وزيادة سكانية. ثالثها، أن النظام المروري أصبح يشكّل واجهة لمقياس التقدّم والرقي الحضاري لمدن العالم، وعلى هذا فإن سعي أبوظبي إلى توفير أنظمتها المرورية لا ينفصل عن رؤيتها المستقبلية "أبوظبي 2030"، التي تطمح من خلالها إلى أن تصبح واحدة من أفضل خمس حكومات على مستوى العالم. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.