لعل أول ما قد يخطر بالذهن هو أن أفراد هذه الأسرة عثروا فجأة على كنز، ولذلك راحوا يجمعون قطع النقود المعدنية من الأوعية والأواني "الأثرية" البالية بسبب عامل الزمن. ولكن لا، فليس هذا ما وقع بالضبط. ففي غمرة الاحتفالات الصاخبة بأعياد رأس السنة، هنا في هذا الحي العشوائي بمدينة نافوتاس، الواقعة ضمن المجموعة الحضرية لمانيلا الكبرى، عاصمة الفليبين، اندلعت حرائق كارثية بسبب الإهمال وكثافة الألعاب النارية، أتت على الأخضر واليابس، ولم تترك لأفراد هذه الأسرة من محتويات بيتهم شيئاً، حيث التهمت النيران الأثاث القليل، وقوضت الدعائم، وتركته خاويّاً على صفيحه، لا شيء يعوي وسطه سوى الدخان النفاذ، وأكوام الرماد! وفي الأخير لم تترك الفجيعة لهذا الرجل وطفلته شيئاً يمكن الانتفاع به أو حتى إعادة تدويره، سوى حصَّالة القطع النقدية التي تبدو مصداقاً للتعبير العامي العربي: "القرش الأبيض لليوم الأسود". ولئن كانت بعض القطع المحترقة في الإناء غير بيضاء، فأملهما هو ألا تكون الأيام الآتية سوداء. وكانت مصادر إعلام محلية قد ذكرت أن ما لا يقل عن 11 حريقاً كبيراً قد نشبت في مختلف مناطق مانيلا الكبرى وخاصة في الضواحي العشوائية، مع اللحظات الأولى من العام الجديد. فيا لها من بداية ساخنة وعنيفة للعام، في أحياء صفيح عشوائية، لا تنقص سكانها أصلاً أشكال المعاناة، ولا صور الصخب، والعنف!