يحتلّ التدريب أهمية كبيرة نظراً إلى التطوّرات والتغيّرات المتواصلة والسريعة التي تطرأ على احتياجات أسواق العمل من المهارات والخبرات، في ظل التطوّر التكنولوجي السريع الذي يؤدّي بدوره إلى تغيّر طرق العمل والإنتاج في مختلف الأنشطة الاقتصادية. وتزداد أهمية التدريب مع الانفتاح الكبير بين الاقتصادات الوطنية واندماجها في الاقتصاد العالمي، وهو الانفتاح الذي ازداد بشكل متسارع في السنوات الأخيرة، وكان من نتائجه اندماج أسواق العمل الوطنية في سوق العمل العالمية، ما فرض على الباحثين عن عمل في الأسواق الوطنية ضرورة التنافس مع غيرهم من الباحثين عن عمل مماثل في أسواق العمل حول العالم. وتفرض هذه المعطيات على الدول ضرورة بناء نظم تدريبية متكاملة لكوادرها البشرية، لتزويدهم بالمهارات والخبرات الأكثر طلباً في أسواق العمل من ناحية، وكذلك لتلبية احتياجات أنشطتها الاقتصادية وخططها التنموية من ناحية ثانية، وبما يساعد من ناحية ثالثة على تحقيق التوافق بين احتياجات سوق العمل والمهارات والخبرات المتوافرة ومن ثم حمايتها من شبح البطالة. لذلك تولي دولة الإمارات تدريب الكوادر البشرية المواطنة اهتماماً كبيراً، وتوفّر لهم البدائل التدريبية اللازمة لتلبية تطلّعاتهم، ولعل برامج التدريب التي تنفّذها معاهد التكنولوجيا في الدولة تمثّل أحد البدائل التدريبية المهمة في هذا الشأن، خاصة أنها تحرص على أن تقدّم برامج تدريبية متوافقة مع احتياجات المؤسسات المختلفة العاملة في الدولة من الأيدي العاملة ومن ثم تساعد على تحقيق الانسجام بين مخرجاتها وسوق العمل. وتتمتع برامج التدريب التي توفّرها الكثير من المؤسسات التدريبية الإماراتية للكوادر البشرية المواطنة بعدد من المميزات، فهي من ناحية تعدّ جزءاً من استراتيجية تدريبية طموح تنفّذها الدولة، كآلية لتمكين كوادرها البشرية للمنافسة في أسواق العمل، لكي يضطلعوا بدور يليق بهم وبموقع بلدهم بين دول العالم المتطوّرة. ومن ناحية أخرى فإن هذه البرامج تنطوي على قدر كبير من التنوّع في ما يتعلّق بالبرامج والتخصصات التدريبية، ما يمنح المتدرّبين فرصة المنافسة في فرص العمل في جميع الأنشطة والقطاعات الاقتصادية، كما أن المؤسسات التدريبية في الدولة تحرص لدى تخطيطها للبرامج والخطط التدريبية على أن تكون هذه البرامج مطابقة للمستجدّات والمعايير العالمية، ولذلك فهي لا تتردّد في إرسال المتدرّبين إلى الخارج لتلقّي التدريب اللازم في أكثر دول العالم تطوراً في كل مجال من مجالات التدريب، لتمكينهم من بناء المهارات والخبرات الأكثر طلباً ليس في أسواق العمل المحلية فقط، ولكن في الأسواق الإقليمية والعالمية أيضاً. وبوجه عام فإن كانت المؤسسات التعليمية بشكلها التقليدي تزوّد الإنسان بالمعارف الأساسية في مراحل حياته الأولى، وتوفّر الأساس الذي ينبني عليه المستقبل العلمي والعملي للإنسان، فإن مؤسسات التدريب تزوّد الإنسان بالمعارف والمهارات التي تلزمه عندما ينتقل إلى المنافسة في سوق العمل والمشاركة الحقيقية في النشاط الاقتصادي لبلده، بما يساعده على أن يكون عضواً فاعلاً في مجتمعه ومشاركاً كفؤاً في تحقيق الأهداف التنموية لوطنه، وانطلاقاً من هذه الحقيقة فإن دولة الإمارات تحرص بشكل مستمر على بناء منظومة متكاملة للتعليم والتدريب وربطها بالخطط التنمويّة، ويبقى على المؤسسات المختلفة العاملة في الدولة أن تتفاعل بقوّة وبشكل كامل مع هذه المنظومة وأن تجعل التدريب ضمن أهم أولوياتها وفي قلب نظرتها إلى الحاضر والمستقبل. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية