عندما يطلق الناس كلمة خبير أجنبي على إنسان ما، لابد أن تتوافر فيه العديد من الشروط، منها مثلًا تخصصه الدقيق ونجاحه المشهود له في خبراته السابقة، كأن يكون قد ابتكر أمراً لم يسبقه إليه أحد، أو انقذ مؤسسة ما من الانهيار والضياع. وأهم صفة في هذا الخبير في تصوري الشخصي أن لا يكون لدينا مواطن يفهم في تخصصه أفضل منه، وإلا فإننا نكون قد قدمنا الآخر على المواطن لأسباب تبقى في محل استفهام، لذلك أدعو الكادر الإداري إلى فحص السجل التراكمي لكل خبير يعمل لديهم كي نتأكد أنه فعلاً محل هذه الخبرة، وقبل ذلك نتأمل في المواطنين من حولنا، كي نتأكد أنه لا يوجد فعلاً من هو أفضل خبرة من هذا الخبير الأجنبي. ومن أدوار الخبراء في الدول التي تستقدمهم نقل خبراتهم خلال فترة من الزمن إلى فئة من المواطنين، كي تستمر الدولة في البناء، وكي نتمكن من الاعتماد على القوى المواطنة في مرحلة من تاريخ البناء في هذا الوطن المعطاء، وقد نجحت بعض دول الخليج في هذه المسألة، فقد زرت أكثر من دولة استقطبت عدداً من الخبراء ووظفتهم تحت هذا المسمى. وزرت الدول نفسها بعد خمس سنوات وتعمدت السؤال عن الخبير البريطاني والأميركي والكندي الذين أعرفهم، وكم سعدت عندما علمت بأن خدماتهم أنهيت لأنهم أنجزوا المطلوب منهم. فسألت من حدثني، وما هو المطلوب منهم، فقال الاستفادة من خبراتهم في مواضيع محددة ونقل تجاربهم خلال فترة من الزمن إلى الكوادر المواطنة، فقد ربطنا كل خبير بأربعة مواطنين يحملون الشهادات المطلوبة. وفي نهاية كل سنة، كنا نقيم أداء الخبير بمدى ما اكتسبه هؤلاء المواطنون من خبرات. وبعد انتهاء عقد الخبير، كان لدينا أربعة خبراء في نفس المجال، فما الحاجة عندها إلى خبراء أجانب. وهذا رد المحاور: أعتقد أن الحال في بعض مؤسساتنا ليس كذلك فلدينا خبراء أكملوا عقداً من الزمن، وللأسف أن بعضهم لم يقدم ما يذكر في مجال خبرته. الأمر الآخر في مجال الخبراء هو الصلاحيات، التي تعطى لهم في محل أعمالهم، فمن الملاحظ أن بعض الخبراء تحولوا في مؤسساتنا إلى مديرين فعليين فهم مصدر القرار والأمر، مع تقديري لبعض المواطنين المعينين في تلك المؤسسات كمديرين إلا أن دورهم في حقيقة الأمر تحول إلى وظيفة العلاقات العامة للمؤسسة، فبما أن الخبير لا يتحدث في جل الأوقات العربية، أصبح دور المدير المواطن هو الحديث مع أجهزة الإعلام. وعندها نقول إن الخبراء في مجتمعنا في حقيقتهم تحولوا إلى مديرين، وهؤلاء عينوا خبراء صغاراً في وظائف تحت مسميات متعددة مثل خبير في التدريب، وخبير في المالية، وخبير في الجودة، وخبير حتى في العلاقات العامة، وهم في حقيقة الأمر موظفون بدرجات أقل. الخوف أن هؤلاء الخبراء الصغار الذين عينهم الخبراء الكبار بحاجة إلى خبراء من بني جلدتهم في مستوى أدنى منهم، درجة موظفين، وعندها قد نقول على التوطين السلام.