الجنرال ثلج يغزو أوروبا... وساحل العاج على صفيح ساخن موجة البرودة القارسة في أوروبا، وتفاقم الأزمة السياسية في ساحل العاج، وانتخابات روسيا البيضاء، ووعود الإنقاذ الصينية لأوروبا، موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة أسبوعية على الصحف البريطانية. الجنرال ثلج: تحت عنوان:" الثلج المتساقط خارج النافذة انعكاس للاحترار في مكان آخر"، أشار "جورج مونبيوت" في عدد "الجارديان"يوم الاثنين الماضي إلى إنه تتوافر في الوقت الراهن أدلة كافية على أن البرودة والعواصف الثلجية التي ضربت بريطانيا خلال فصل شتاء العامين المنصرمين، ما هي إلا انعكاس لظاهرة الاحترار في أماكن أخرى في المعمورة حسبما تبين خرائط الحرارة العالمية التي تطبعها وكالة "ناسا". فدراسة هذه الخرائط تثبت أن الظروف الجوية التي سادت بريطانيا خلال العامين المذكورين ترتبط ارتباطا وثيقا بالفرق في درجات الضغط ما بين أقل درجة حرارة في أيسلندا، وبين أعلى درجة حرارة في جزر "الأزور" البرتغالية الواقعة في وسط المحيط الأطلسي. فالثلج المتراكم في المحيط المتجمد الشمالي له تأثيران رئيسيان على الجو. فنظراً لأن هذا الثلج ناصع البياض، فإنه يعكس حرارة الشمس، ويمنعها من النفاذ لأعماق البحر، كما يقيم حاجزاً بين الماء والغلاف الجوي مما يؤدي إلى إنقاص كمية الحرارة التي تهرب من البحر إلى الهواء، وإلى البرودة القارسة التي نشهد مثيلاً لها في دول أوروبا في الوقت الراهن. ويقول الكاتب إن هذه الأمور كانت معروفة بالطبع، وكان يتم التحذير منها، ومن الآثار التي ستنتج عنها بشكل دائم، غير أن المشكلة أن العديد من الدول لم تأخذ مثل هذه التحذيرات بالاهتمام الواجب، وواصلت التصرف برعونة حيالها، مما أدى إلى تغييرات حادة في المناخ. ويلفت أن احترار سطح الأرض ليس معناه أن كافة مناطق الكرة الأرضية قد باتت أكثر حرارة مما كانت عليه من قبل، وإنما يعني أن هناك مناطق سترتفع فيها درجة الحرارة عن معدلاتها الطبيعية، وسيترتب على ذلك انخفاض في درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية في مناطق أخرى كما يحدث في بريطانيا والكثير من دول أوروبا في الوقت الراهن. مواهب ضارة: في افتتاحيتها أول من أمس الثلاثاء، وتحت عنوان "نظام روسيا البيضاء وموهبة خسارة الأصدقاء"، قالت "الإندبندنت" إن انتخابات روسيا البيضاء التي جرت الأحد الماضي، قد انتهت كما كان معظم المراقبين يتوقعون بفوز الرئيس "الكسندر لوكاشينكو" وخسارة منافسيه الذين لم يكتفي بإلحاق هزيمة ساحقة بهم من خلال انتخابات مزورة، بل أوعز إلى أجهزته بالاعتداء عليهم بالضرب المبرح إلى درجة أن عدداً منهم قد نُقل إلى المستشفيات للعلاج. وهذه النتيجة التي انتهت إليها الانتخابات، عصفت بالآمال التي كانت قد راودت بعض الدول الغربية في إمكانية إصلاح النظام السياسي في ذلك البلد. وهذه الآمال كان مبعثها الحملات الانتخابية التي اتسمت بحرارة نسبية، ودفعت تلك الدول والمراقبين الدوليين إلى الاعتقاد بأن انتخابات هذه المرة ستكون مختلفة عن مثيلاتها السابقات، وهو ما لم يتحقق بالطبع، وأفقد النظام بالتالي دعم تلك الدول الذي كان قد بذل جهداً كبيراً للحصول على رضاها ودفع ثمناً باهظاً تمثل في تقليص علاقاته بموسكو وهي خسارة كبيرة دون شك بالنسبة لهذا النظام الذي وصفته الافتتاحية بأنه يتمتع بموهبة فريدة في خسارة الأصدقاء، لأنها تأتي في وقت وصل فيه الاقتصاد الذي كان من الأشياء القليلة التي يتباهى بها النظام ويستخدمها كمبرر لشرعيته واستمراره في الحكم، إلى الحضيض. اغتصاب السلطة: في افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي تحت عنوان:"إبعاد شياطين ساحل العاج"، دعت"فاينانشيال تايمز" المجتمع الدولي إلى عدم الاكتفاء بإدانة محاولة رئيس ساحل العاج المنتهية ولايته "لوران جباجبو" لاغتصاب السلطة في بلاده، وحرمان خصمه اللدود الفائز الشرعي بالانتخابات التي أجريت مؤخراً في هذا البلد "الحسن وتارا" من تولي الحكم. وترى الصحيفة أن المحاولة التي يبذلها "جباجبو" لاغتصاب السلطة تهدد عملية السلام، التي كانت تشرف الأمم المتحدة على تنفيذها في ساحل العاج وخصوصاً بعد دعوته المنظمة الأممية، وفرنسا لسحب قواتهما المتواجدة في هذا البلد للحفاظ على السلام والهدوء، كما ترى أن المجتمع الدولي يقف الآن عند لحظة فاصلة أسمتها "لحظة سربرينيتشية"، في إشارة لمدينة سربرينيتشا البوسنية، التي ارتكب فيها الصرب مذبحة رهيبة، وهي لحظة تطلب من المجتمع الدولي الآن _ تماماً كما فعل من قبل في البلقان- أن يقرر عدم الاكتفاء بالإدانة والتدخل من خلال وضع المزيد من القوات على الأرض. ودعت الصحيفة دول العالم إلى عدم الانسياق للفخ، الذي يحاول "جباجبو" نصبه للعالم وذلك عندما يمزج بين إبداء الغضب والاستعداد لممارسة العنف وبين تقديم الإغراءات المتمثلة في صادرات بلاده من النفط والكاكاو والتي قد تغري بعض الدول، التي تحتاج لتلك الموارد للخروج عن الإجماع الدولي وقبول التعامل مع النظام، مما يؤدي إلى إطالة أمده في السلطة. ودعت إلى تكليف الاتحاد الأفريقي بالاستعداد لتولي مهمة أكثر نطاقاً من خلال إرسال قوات إلى هناك لتضاف إلى القوات الأممية والفرنسية، التي لن تكون قادرة على التصدي لمحاولات الرئيس المنتهية ولايته وأن تلك هي الطريقة التي يمكن بها إبعاد شيطان الفتنة التي تهدد بإغراق هذا البلد مجدداً في العنف والدم. *عرض مساعدة صيني تحت عنوان "الصين تتعهد بالقيام بجهد أكثر تنسيقاً"، نشرت "الفاينانشيال تايمز" تحليلاً في عددها الصادر أول من أمس الثلاثاء بدأته بالقول إن الصين قد وعدت بمساعدة دول منطقة "اليورو" على الخروج من أزمتها، بما في ذلك الاستمرار في شرائها للسندات الحكومية للدول التي تقع في قلب أزمة الديون السيادية. وقالت الصحيفة إن هذا التعهد قد جاء على لسان "وانج كيشان" نائب رئيس الوزراء الصيني خلال الدورة الثالثة من الحوار التجاري الاقتصادي السنوي الرفيع المستوى بين الصين ودول الاتحاد الأوروبي، الذي عقد في العاصمة الصينية بكين منذ يومين. وتقول الصحيفة إنه نظراً لأن الصين أكبر سوق للصادرات في العالم، فإن لديها بالتالي مصلحة ضخمة في المساعدة على تحقيق استقرار منطقة "اليورو" خصوصاً بعد أن بلغ حجم التبادل التجاري بينها وبين تلك المنطقة 434 مليار دولار في الأحد عشر شهراً الماضية من العام الحالي، أي ما يزيد بنسبة 30 في المئة عن الفترة المماثلة من العام الماضي. وترى الصحيفة أن عرض المساعدة الصينية يستمد أهميته من حقيقة أن منطقة "اليورو"، كانت هي مركز أزمة الديون السيادية، وأن الصين كانت قد ساعدت كما تقول مصادر مالية مطلعة كل اليونان والبرتغال وهما البلدان اللذان تعرضا لأزمة ديون طاحنة من خلال ضخ كميات كبيرة من الأموال لشراء السندات الحكومية المصدرة من قبل حكومتيهما، مما ساعد على إبقائهما طافيتين وحال دون إفلاسهما، إلى جانب حزمة الإنقاذ الأوروبية بالطبع. وقللت الصحيفة من أهمية ما يقال من أن عرض الصين للمساعدة يهدف بالإضافة للمنفعة الاقتصادية إلى تحسين سمعتها كعضو أسرة دولية بما يساعدها على المطالبة بعد بعض الوقت برفع الحظر المفروض على استيرادها للأسلحة من الدول الأوروبية بعد أحداث ميدان تيانآنمين، مستندة في ذلك - الصحيفة- إلى أن قراراً بهذه الأهمية لا بد أن يصدر بالإجماع من دول الاتحاد الأوروبي وهو أمر غير وارد في الوقت الراهن. إعداد: سعيد كامل