"الحملة الوطنيّة لسلامة الأسر في المنازل"، والتي تنفّذها القيادة العامة للدفاع المدني على مدى ستة أشهر، بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، تعكس بوضوح اهتمام قيادتنا الرشيدة بتوفير الأمن المجتمعيّ، وتوفير البيئة الآمنة للأسر في المجتمع. أهمية هذه الحملة لا تنبع من كونها الأولى من نوعها في العالم فحسب، وإنما لأنها تستجيب لحاجة مجتمعية ملحّة أيضاً، بعد تزايد معدلات الحوادث والحرائق التي شهدتها كثير من المنازل على مدار الأعوام القليلة الماضية، وتسبّبت بخسائر بشرية واقتصادية كبيرة، حيث تشير الإحصاءات الرسميّة لإدارات الدفاع المدني إلى أن النسبة المئوية لحرائق المنازل من إجماليّ حوادث الحرائق لسنة 2009 بلغت 12 في المئة بواقع 482 حريقاً من إجمالي 2284 حريقاً على مستوى الدولة، وهو الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن هذه الحملة تمسّ بعداً رئيسياً يتعلق بحياة الأفراد وممتلكاتهم، وهو التصدي للأسباب التي تقف وراء تزايد معدلات الحرائق والحوادث في مدن الدولة المختلفة. هذه الحملة، التي بدأت فعالياتها أول من أمس سيكون لها مردودها الإيجابيّ المهمّ، على أكثر من صعيد، فهي من ناحية تتعامل بشكل واضح مع السلوكيات السلبية لبعض أفراد المجتمع داخل المنازل، سواء في تعاملهم مع الأجهزة الموجودة بنوع من العشوائيّة وعدم الاهتمام باعتبارات الأمان لدى تشغيلها، أو في سلوكياتهم الشخصيّة، التي يمكن أن تؤدي إلى بعض الحوادث أو الحرائق، من خلال سلسلة من الإرشادات التي تستهدف ضمان مستلزمات السلامة الإنشائية والاستخدامية "التشغيلية" للمنازل، وذلك من خلال نشر السلوك الوقائيّ وتعزيزه بين أفراد الأسرة كلّهم، لتوعيتهم بالسلوكيات التي قد تقف وراء هذه الحوادث، وسبل الوقاية منها، وتقديم إرشادات السلامة إليهم. كما أن هذه الحملة من جانب آخر سيكون لها مردودها المجتمعي والاقتصادي المهمّ إذا ما وجدت تجاوباً من أفراد المجتمع، وهو الحدّ من الخسائر البشرية والاقتصادية الناجمة عن مثل هذه الحوادث، التي تكون لها تكلفتها المرتفعة، سواء على الصعيد الاجتماعي والنفسي للأسر التي تتعرّض لمثل هذه الحوادث وتفقد أحد أفرادها، أو على الصعيد الاقتصاديّ، وما ترتبه من أعباء خاصة بتوفير السكن المناسب لأولئك الذين تعرّضت منازلهم لأي من هذه الحوادث. الأمر المهم في هذه الحملة أيضاً أنها تكرّس مبدأ الشراكة بين مختلف مؤسسات الدولة من أجل تحقيق هدف رئيسي هو تأمين سلامة المنازل في مواجهة أي حوادث أو حرائق قد تقع مستقبلاً. فإضافة إلى القيادة العامة للدفاع المدني التي تتولّى الجانب الرئيسي في تنفيذ هذه الحملة، فإن هناك مؤسسات أخرى عديدة تساندها كوسائل الإعلام الوطنيّة، ومؤسسات التربية، وهيئة البلديات والأشغال والإسكان، وهيئات الكهرباء والمياه والصحة. إن مشاركة هذه المؤسسات الوطنيّة في هذه الحملة أمر ضروري ومهم، لأنه إذا كانت أسباب الحوادث المنزلية متعدّدة، فإن مسؤولية الوقاية منها ومواجهتها أيضاً ينبغي ألا تقع على كاهل جهة واحدة، وإنما تقتضي مشاركة الجهات المعنيّة بالأمر، من أجل ضمان التأكد من المعايير الخاصة بالأمن والسلامة في المنازل. وحينما يوجّه صاحب السمو رئيس الدولة بتدشين هذه الحملة، التي تستهدف تحقيق سلامة الأسر في المنازل، فإنه يعبّر بوضوح عن فلسفة قيادتنا الرشيدة في الاهتمام بتحقيق أعلى مستويات الأمن والاستقرار والحياة الكريمة للأسرة الإماراتية، وتوفير المناخ الإيجابيّ الذي يدفعها إلى العمل والعطاء. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.