لا شك أن الأزمة الناشبة حالياً في شبه الجزيرة الكورية، وما صاحبها من تفاعلات إقليمية ودولية، تكشف بلا مواربة عن وجود "ديناميات آسيوية جديدة"، كما وضح ذلك جيفري كمب في مقاله الأخير على هذه الصفحات. فالتعاطي الصيني مع الأزمة، كشف مرونة ودرجة من التروي لا تنتهجها عادة إلا قوة كبرى تحسب حساباً دقيقاً لكل خطوة تتخذها. وبالفعل فإن الصين كقوة عسكرية صاعدة وتواصل تمددها، أصبحت تثير خشية كثير من دول آسيا، لاسيما وقد اتضح أن الحماية الأميركية لم تفلح في درئ التهديدات الكورية الشمالية عن كوريا الجنوبية، وأن الوجود العسكري في المحيط الهادئ شهد انحساراً متواصلاً خلال الأعوام الماضية الأخيرة، بسبب حربي أفغانستان والعراق. ووفقاً للاستراتيجية الصينية، وهي أبرز ملمح للديناميات الآسيوية الجديدة، فإن بكين لا ترغب في حرب تؤدي لفرار ملايين الكوريين الشماليين باتجاه الحدود مع الصين، وتحرص في الوقت نفسه على بقاء نظام بيونج يانج منعاً لقيام وحدة كورية تحت سيطرة سيؤول. عوض كمال -أبوظبي