عرقل مجلس الشيوخ الأميركي حلم 11 مليون مهاجر غير شرعي لا يمتلكون أوراقاً ثبوتية، إذ صوت الخميس الماضي ضد مناقشة مشروع قانون الحلم الذي طرحه "الديمقراطيون" بنتيجة 50 صوتا ًمقابل 40. ومشروع قانون الحلم، وهو عبارة عن تشريع فيدرالي يمهد الطريق للحصول على الجنسية الأميركية للمهاجرين غير الشرعيين الذين لا يحملون أوراقاً ثبوتية، والذين دخلوا، أو تم جلبهم إلى الولايات المتحدة بوسائل غير قانونية من قبل آبائهم، ممن كانوا هم أيضاً من المهاجرين غير الشرعيين ولكن باشتراطات معينة كأن يكونوا قد جاءوا أو جلبوا للولايات المتحدة قبل سن السادسة عشرة، وعاشوا في أميركا لمدة خمس سنوات على الأقل، وحصلوا على شهادة الثانوية العامة، وكانوا حسني السلوك. إلا أن هؤلاء سيمنحون إقامة مشروطة مدتها ست سنوات، وقبل الانتقال إلى المرحلة التالية، على الطلاب الدراسة في كلية أو الخدمة في الجيش عامين على الأقل. وقد ظل مشروع القانون هذا معطلاً في أروقة الكونجرس لما يزيد عن عقد من الزمان على رغم حملات الضغط المستمرة التي تقوم بها منظمات الدفاع عن المهاجرين والمهاجرين غير الشرعيين. وكان مجلس النواب قد صادق على القانون بأغلبية 216 صوتاً مقابل 198، ويؤيد أوباما القانون الذي يقنن وضع المهاجرين غير الشرعيين، وقد قال في بيان له إن هذا الاقتراع "ليس فقط الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله لمجموعة من الشبان من ذوي المواهب يسعون لخدمة بلد يعرفون أنه بلدهم بمواصلة تعليمهم أو الخدمة في الجيش، بل إنه أيضاً الشيء الصحيح للولايات المتحدة". فيما يجادل المعترضون على القانون بتسميته بالكابوس الأميركي حيث يعتقدون أنه شكل من أشكال العفو عن المهاجرين غير الشرعيين، وأن من شأنه تشجيع الهجرة غير الشرعية. والحال أن الولايات المتحدة تواجه مشكلة المهاجرين غير الشرعيين والعمالة غير الشرعية، وعلى رغم أنها دولة مهاجرين إلا أن إيجاد حلول جذرية لمشكلة الهجرة غير الشرعية وما يترتب عليها ظل إشكالية تواجه الحكومات المتعاقبة، ولعل ما يميز قانون الحلم هو وضعه لاشتراطات معينة للحصول على الجنسية، اشتراطات ليست مستحيلة ولكنها تحمل في جوهرها مفهوم المواطنة الأميركية الواحدة، فالجنسية تحمل حقوقاً وتفرض واجبات، والفئة المشمولة بالقانون هم ممن عاشوا في الولايات المتحدة لفترة لا تقل عن عشر سنوات، ويتحدثون الإنجليزية، ويدرسون في المدارس العليا، والكليات التي تمنح درجات جامعية معتمدة في نهاية سنوات الدراسة، ويرفضون التمييز الممارس ضدهم باعتبارهم "مهاجرين غير شرعيين". وتثير قضية الهجرة غير الشرعية الانقسام والانفعالات في الولايات الأميركية وبين الأحزاب السياسية وكان ولا يزال إصلاح نظام الهجرة موضوعاً رئيسيّاً في أجندة الرؤساء سواء كانوا "جمهوريين" أو "ديمقراطيين" ولعقود عدة. إذ تؤثر قضية الهجرة على جميع مناحي المجتمع الأميركي، ولا يمكن لأي حزب سياسي أن يتجاهلها حيث يتأثر بهذه القضية الأمن الوطني ونظام الضرائب، والرعاية الصحية والتعليم. وفي سوق العمل ينافس المهاجرون غير الشرعيين العاطلين عن العمل في وقت بلغ فيه معدل البطالة بين الأميركيين نحو 10 في المئة. هذا إضافة إلى حقيقة كون المهاجرين غير الشرعيين لا يدفعون الضرائب، كما أن من الممكن أن يصبحوا قوة انتخابية قوية بشكل متزايد. واليوم يسعى عدد لا يستهان به من المهاجرين غير الشرعيين للضغط من أجل تمرير قانون الحلم، والإصلاح الشامل لنظام الهجرة، فيما لا يزال آلاف الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين يصلون إلى الولايات المتحدة سنويّاً بحثاً عن الحلم الأميركي.