على مدى الأسبوعين الماضيين، صممت على وجهة نظري بضرورة توجه المجموعة العربية إلى مجلس الأمن للمطالبة بإصدار قرار دولي ينص على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ويعترف بإقامة الدولة الفلسطينية على الأرض المحتلة عام 1967. اليوم أشعر بدرجة من الاطمئنان، فلقد أعطتنا لجنة المتابعة العربية في اجتماعها بالقاهرة في نهاية الأسبوع الماضي، إيحاءً قوياً بأننا على وشك التحرك في اتجاه الأمم المتحدة، حيث أكد الشيخ حمد بن جاسم رئيس اللجنة ورئيس وزراء قطر، ضرورة التوجه لمجلس الأمن في حالة فشل الولايات المتحدة في تحقيق الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وفي لغة أكثر صراحة قال رئيس لجنة المتابعة في الجلسة الافتتاحية، إن خطوة التوجه لمجلس الأمن ليست سابقة للأوان خاصة في حال ثبوت فشل عملية التفاوض، لأن عدم اتخاذها في هذه الحالة سيعني القضاء التام على مفهوم الدولتين. إذن فلقد انكشف بالكامل أمام الجميع زيف العملية التفاوضية مع "اليمين" الإسرائيلي، وأرجو أن تدور عجلة الدبلوماسية العربية في اتجاه اقتحام العقبات التي يراكمها معسكر اليمين على طريق إقامة الدولة الفلسطينية. ندرك أن التوجه إلى مجلس الأمن هو الخطوة الأولى فحسب، فالمرجح أن يواجهنا هناك "الفيتو" الأميركي، بل ومن المحتمل كذلك أن نجابه مقاومة من جانب الاتحاد الأوروبي بعد أن أوضح يوم الثلاثاء الماضي أنه مستعد للاعتراف بالدولة الفلسطينية عندما يحين الوقت المناسب. أوروبا ما زالت تفضل استمرار عملية التفاوض والتواصل إلى اتفاق مع إسرائيل رغم كل ما تراه من عناد "اليمين" الإسرائيلي وتصميمه على قضم الأرض موضوع التفاوض عبر الاستيطان. لقد عبرت إسرائيل على نحو صريح عن ارتياحها لقرار الاتحاد الأوروبي، حيث قال "داني إيالون" نائب وزير الخارجية... أرجو أن يضع إحساس المسؤولية لدى أصحاب الدور القيادي مثل الأميركيين والاتحاد الأوروبي حداً للتهديدات آحادية الجانب التي يلوح بها الفلسطينيون. كما أنني أعتقد أن استمرار التلويح من جانبنا كعرب كتاباً وسياسيين على حد سواء بخيار الذهاب إلى مجلس الأمن دون تنفيذه، إنما يمنح الإسرائيليين فرصة لترتيب أوراقهم لإجهاض هذا الخيار وإفراغه من مضمونه في الساحة الأوروبية والأميركية. إن سؤالي الرئيسي اليوم هو عن الموعد الذي سنتوجه فيه إلى مجلس الأمن، وهو سؤال يعني أنني أطالب بالتحرك العاجل في هذا الاتجاه، فطريق الألف ميل يبدأ بخطوة. أرجو ألا يتصور البعض أن مجرد التلويح بهذا الخيار سيخيف الإسرائيليين أو يدفعهم لتليين مواقفهم في مسألة الاستيطان واستئناف المفاوضات، وبالتالي دعونا نذهب إلى مجلس الأمن في أقرب وقت لنمهد للخيار التالي، وهو التوجه إلى الجمعية العامة تحت صيغة "الاتحاد من أجل السلم"، حيث سنحظى هناك بالتفاف دول آسيا وأفريقيا. لست في حاجة إلى التذكير بأن الوقت كالسيف إنْ لم تقطعه قطعك، وأنه لا داعي لإضاعة مزيد من الوقت مع كل هذه الأوضاع المكشوفة للجميع.