كان سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية على حق تماماً عندما تساءل عن السبب وراء تهميش دول الخليج في أي حوار غربي مع إيران. الشواهد تؤكد غياب الرأي الخليجي في الحوارات، سواء تلك التي تمت في الماضي أو التي تحصل الآن بين إيران والغرب (5+1) فيما يخص مستقبل المنطقة وقضاياها. هذا التهميش لا يتماشى مع العلاقات القوية التي تربط دول المنطقة بالأطراف الغربية المحاورة لإيران، كما لا يليق أيضاً تهميش الدول الخليجية كطرف أساسي في نجاح أو فشل أي سياسات عقابية دولية تتخذ ضد الجار الإيراني! عُقدت، الأسبوع الماضي، جولة جديدة من تلك اللقاءات في جنيف بعد توقف دام قرابة السنتين. ولم تعلن أي نتائج إلا أنه تم الاتفاق على عقد الجولة الثانية نهاية يناير القادم في تركيا، إحدى "القوى الصاعدة"، بعد أن اختارت إيران ذلك. ثمة تغييب مستفز لدول الخليج في حين أن من حق هذه الدول تماماً أن تشارك في بلورة أي اتفاق بشأن قضايا المنطقة. الحوار مع إيران إما للتوصل إلى اتفاق، "صفقة" ما، أو اختلاف ينتج عنه تشديد العقوبات عليها. وفي الحالتين فإن دول الخليج ستكون طرفاً متأثراً بنتائج ما سيحدث. من المهم أن يتم التشاور مع دول الخليج لصالح الجار الإيراني أو الصديق الغربي. ما أبداه مؤخراً أكثر من مسؤول خليجي من قلق جراء استبعاد الدول الخليجية من المناقشات التي تتم بين إيران والغرب، مبعثه أن تتم اتفاقات على حساب دول مجلس التعاون أو أن تحصل تفاهمات بدون موافقة هذه الدول، رغم أن القلق والهواجس في المنطقة تخص الخليجيين كما تخص إيران. البعض يرجع السبب إلى غموض الموقف الخليجي وتردده في التعامل مع قضايا المنطقة بأكملها، وبالأخص الملف النووي الإيراني. لا يوجد موقف خليجي واضح وصريح، لا جماعي ولا فردي، لا في المسألة النووية الإيرانية، ولا العراق، ولا غيرهما من القضايا. وهناك لهجة تهدئة غربية في التعامل مع الملف النووي الإيراني، ما يجعل القلق الخليجي في محله. لم يعد مجدياً لدول الخليج الوقوف على الحياد، كما هو المعتاد؛ لأن الخسارة الاستراتيجية ستكون كبيرة. فالواضح أن المنطقة يعاد تشكيلها وتقسم فيها المصالح. والخوف أن تكون دول الخليج مسرح العمليات؛ لذلك لا غنى عن اللحاق بالحوارات والجهود الرامية للبحث عن تسوية، أو على الأقل التعرف عن قرب على لغة التعامل الغربي مع إيران، بدلاً من الوقوف بعيداً كمراقبين في انتظار ما يمكن أن يحصل. لا يوجد شيء في السياسة غير متوقع. لكن كي لا نتعرض لمفاجأة غير متوقعة؛ ينبغي أن يكون لنا صوت مسموع في الحوار من باب المصلحة الخليجية. لأن الطرفين، الإيراني والغربي، يبحثان عن مخرج لهما من مأزق يعيشانه منذ فترة؛ وبالتالي فالكل يريد أن يفهم الآخر للتعامل معه. الطرفان تقدما خطوة إلى الأمام، وهي خطوة جيدة لهما. وبوجود تركيا، ربما تتسع الخطوة، وعلينا كخليجيين أن ننتقل من مرحلة التفكير إلى التنسيق على أرض الواقع كي لا تصدمنا المفاجأة. وما تم رصده بعد "الكعكة الصفراء" التي أعلنت عنها إيران قبل المفاوضات غير مبشر لنا. المسألة لم تعد مسك العصا من المنتصف أو لعبة توازنات بين دول المنطقة. المطلوب موقف خليجي نابع من المصلحة الخليجية.