قدّرت اللجنة المؤقتة لدراسة "مدى توافق مخرجات التعليم مع سوق العمل" نسبة البطالة في صفوف خريجي الجامعات في دولة الإمارات بنحو 20 في المئة في عام 2009، وقد ردّت اللجنة أسباب البطالة إلى بعض السلبيات التي تعانيها سوق العمل في الدولة، وبتحليل الأسباب التي ساقتها تلك اللجنة يمكن القول إن سوق العمل الإماراتية تعاني فجوة بين جانبيها من عرض وطلب في الوقت الراهن، نتيجة عدم توافق الوظائف التي توفّرها المؤسسات العاملة في الدولة من ناحية مع كل من المهارات التي يمتلكها الخريجون وتفضيلات هؤلاء الخريجين من ناحية أخرى. وتعتبر الفجوة بين جانبي العرض والطلب في سوق العمل الإماراتية على هذا النحو هي المعوّق الرئيسي الذي وقف في وجه جهود التوطين التي بذلتها دولة الإمارات على مدار السنوات الماضية، وبالتالي فإن البحث عن آلية لسدّ هذه الفجوة هو الطريق الأقصر لتحقيق الأهداف المرجوّة في هذا الشأن. في هذا السياق بادرت دولة الإمارات إلى تنفيذ العديد من الإجراءات التي من شأنها تطوير بيئة العمل في القطاعين الحكومي والخاص بما يتوافق مع تفضيلات المواطنين والباحثين عن عمل في السوق بوجه عام، كما أنها سعت من ناحية أخرى إلى تطوير النظام التعليمي لكي يكون قادراً على إمداد خريجيه من المواطنين بالمهارات الأكثر طلباً في سوق العمل، لكن تظهر مؤشرات البطالة بين مواطني الدولة، خاصة خريجي الجامعات منهم، أن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت لتحقيق الأهداف المرجوّة. وبجانب ذلك تعمل الدولة على الاستعانة بالخبرات العالمية في مجال التوطين، وفي هذا الإطار فقد وقّعت "وزارة العمل"، مؤخراً، اتفاقية مع "البنك الدولي" تخولها الحصول على خبرة البنك في مواجهة مثل هذه المشكلات، وتقضي هذه الاتفاقية بإجراء إصلاحات عدة في سوق العمل، من شأنها إعادة هيكلة السوق وزيادة قدرتها على أداء دورها الاقتصادي بشكل عام وتحقيق أهداف التوطين بشكل خاص، من خلال التوفيق بين جانبي العرض والطلب فيها، عبر بناء "نظام معلومات سوق العمل"، وهو نظام إلكتروني يسمح لكل من طرفي السوق من طلب وعرض بتعرُّف خصائص الطرف الآخر، وبالتالي التفاعل بإيجابية مع بعضهما بعضاً، ويساعد أيضاً السلطات المشرفة على السوق المتمثلة في "وزارة العمل" على التعرُّف، بشكل آنيّ ودقيق، على خصائص هذه السوق، وطبيعة تطوّر العلاقة بين طرفيها، وبالتالي رسم السياسات اللازمة لتصحيح مسار هذه العلاقة. وبالتالي فمن المتوقع أن يكون للاتفاقية المذكورة تأثير ملموس في مجال العمل بردم الفجوة بين جانبي العرض والطلب في سوق العمل الإماراتي، نظراً إلى أنها سوف تسمح ببناء قاعدة بيانات شاملة لسوق العمل، بما سيسمح للمعنيّين بها التعرُّف على نقاط القصور التي تعانيها، سواء في جانب الطلب أو في جانب العرض، بما يمكّنها من إعادة توجيه هذه السوق لخدمة الأهداف التنمويّة للدولة بشكل عام وتحقيق أهداف التوطين بشكل خاص، من منطلق أن التوطين يمثل أولويّة قصوى للدولة في ظل الموقع المحوري للعنصر البشري المواطن في رؤية القيادة الرشيدة للعملية التنمويّة بمفهومها الشامل. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية