إنها فعلاً "لا مفاوضات... بل فوضى"، كما قال غازي العريضي في مقاله الأخير، حيث أوضح بالشواهد أن ما تريده إسرائيل ليس مفاوضات بأي معنى ممكن لهذه الكلمة، وإن الجوهر الحقيقي للمناورة الإسرائيلية إزاء الطرف الآخر، هو خلق حالة من الإرباك والتشتت وزرع الفوضى لدى ذلك الطرف. إذ ليس أكثر فوضوية من سياسة القوة ومحاولة فرض الأمر الواقع خارج إطار القانون والشرعية ومصادرة حقوق الآخرين وفقاً لقانون الغاب ومنطق الغلبة وفرض الهيمنة على إرادة الآخر! ولا شك أن المطالبة بالتفاوض في ظل الاستيطان وباقي الممارسات الإسرائيلية اليومية المعروفة، هو ترجمة أخرى لمنهجية فرض الفوضى التي تنتهجها إسرائيل وهي تحاول الاستفراد بالطرف الفلسطيني وتجريده ليس فقط من حقوقه المكفولة بموجب الشرعية الدولية والإنسانية، وإنما أيضاً محاولة بتره عن عمقه العربي والعالمي، وفصل الصراع كله عن معايير الشرعية والمنطق! جلال عمر -القاهرة