اختتمت دول مجلس التعاون قمتها الواحدة والثلاثين في العاصمة أبوظبي فكانت قمة القضايا الأمنية الشائكة والملفات السياسية والاقتصادية المتشعبة، ملفات لم تكن سهلة لكن على الدوام كان بناء الموقف الخليجي الموحد تجاه الملفات المطروحة يتأسس على وحدة التحديات والمصير المشترك. إن مجلس التعاون الخليجي اليوم، وبعد ثلاثين عاماً على التأسيس، لا زال نموذجاً عربيّاً، لقدرة أعضائه على معالجة المعوقات داخل البيت الخليجي الموحد، ولم تكن مسيرة المجلس سهلة ولكن إرادة البقاء كانت أقوى. جاءت الملفات السياسية في صلب المناقشات الخليجية، وحظي ملف الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، بالاهتمام الخليجي، فقد دأبت دول مجلس التعاون في بياناتها الختامية على دعم موقف دولة الإمارات في مطالباتها المتكررة لإيران بشأن جزرها المحتلة، حيث عبرت دول المجلس عن أسفها "لعدم إحراز الاتصالات مع جمهورية إيران الإسلامية أي نتائج إيجابية، من شأنها التوصل إلى حل قضية الجزر الثلاث، مما يسهم في تعزيز أمن واستقرار المنطقة"، ودعتها من جديد إلى "الاستجابة لمساعي الإمارات العربية المتحدة لحل القضية، عن طريق المفاوضات المباشرة، أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية"، وهو موقف تقليدي ومستمر لدول التعاون، فقضية احتلال الجزر من القضايا المهددة لاستقرار وأمن دول المجلس، وهي قضية لابد أن تحسم إذا ما أرادت طهران أن تؤسس لأمن خليجي مشترك. أما الملف النووي الإيراني فهو لاشك من الملفات المهددة للاستقرار والأمن في المنطقة، وعبر المجلس عن قلقه البالغ تجاه الملف النووي الإيراني. وشدد المجلس في بيانه على أهمية الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، وجعل منطقة الشرق الأوسط، بما فيها منطقة الخليج العربي خالية من أسلحة الدمار الشامل. وأعاد تأكيد حق دول المنطقة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، في إطار الاتفاقية الدولية ذات الصلة. وبالنسبة للقضية الفلسطينية وهي ملف سياسي دائم في بيانات المجلس الختامية فقد عبرت دول المجلس عن دعمها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، كما حملت الحكومة الإسرائيلية مسؤولية توقف المفـاوضـات المباشـرة نتيجة لاستمرارها في سياستها الاستيطانية غير المشروعة. كما أكد المجلس من جديد على احترام وحدة العراق، واستقلاله، وسلامته الإقليمية، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والحفاظ على هويته العربية والإسلامية، مؤكداً أن تحقيق الأمن والاستقرار في العراق يتطلب الإسراع في إنجاز المصالحة الوطنية العراقية الشاملة، بما يحقق مبدأ الشراكة بين كافة الأطراف والكتل السياسية العراقية. كما حظي الشأن اللبناني بالاهتمام فأيد المجلس بنود اتفاق الدوحة، وحث كافة الأطراف اللبنانية على تحمل مسؤوليتها التاريخية، وتغليب مصلحة لبنان، من خلال الحوار البناء الهادف لحل المشكلات القائمة وفق أسس دستورية، بعيداً عن لغة التوتر والتصعيد وبمنأى عن أي تدخل خارجي. وفي الشأن السوداني رحب المجلس بالاتفاقيات التي وقعت في الدوحة بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، وبالجهود القطرية لتسوية النزاع في دارفور، ورفض المجلس الإجراءات التي اتخذتها المحكمة الجنائية الدولية بشأن النزاع في دارفور، وكذلك التهم الموجهة للرئيس السوداني. وكمحصلة لتحليل الملفات السياسية في البيان الختامي للقمة: لا جديد.