محور فرنسي- ألماني لدعم "اليورو"... ودعوات لتغيير "المقاربة" في الشرق الأوسط تعبئة محور باريس- برلين لدعم موقف "اليورو"، ودعوات أوروبية وأميركية لتغيير خطة العمل في مواجهة تعثر عملية سلام الشرق الأوسط، وخلفيات توقيف مؤسس موقع ويكيليكس، موضوعات استقطبت اهتمام الصحافة الفرنسية. محور باريس - برلين اعتبرت صحيفة لوموند أن لقاء ساركوزي وميركل أول من أمس الجمعة في مدينة فرايبورغ الألمانية، للإشراف على الاجتماع الوزاري الفرنسي- الألماني، شكل في الواقع رسالة طمأنة بشأن وحدة موقف البلدين والتزامهما القوي بمواجهة تحديات أزمة "اليورو" وديون الدول الأوروبية المتعثرة. ويزيد من قيمة الاصطفاف السياسي والاقتصادي لمحور باريس- برلين، الذي يعد المحرك الفعلي للقطار الأوروبي برمته، أن المواقف القوية التي عبر عنها الزعيمان، تأتي سابقة بأسبوع فقط قبل موعد القمة الأوروبية المصيرية التي ستلتئم في بروكسل الأسبوع المقبل. ولأن ساركوزي وميركل يعرفان أن المراقبين الدوليين ينتظرون باهتمام كبير ما سيصدر عن الثنائي الفرنسي الألماني من تدابير بشأن سياسات الدعم المالي الأوروبي للدول المتعثرة، لذلك عملا على إظهار الانسجام الكامل والإرادة القوية في انتشال "اليورو" من براثن حالة عدم اليقين والشكوك المحدقة. وقد ركز الجانبان خاصة على ضرورة خلق آلية دعم ثابتة أو صندوق دعم مالي أوروبي دائم يكون قادراً على التدخل بالطريقة الملائمة في أوقات الأزمات المالية. ويتوقع لهذه الآلية المالية الدائمة أن ترى النور في سنة 2013 بعد إجراء مراجعة مناسبة على اتفاقية لشبونة. وفي سياق متصل انتقد الكاتب "برينو أودنت" في افتتاحية صحيفة لومانيتيه عدم جدوى هذه التدابير المعلن عنها في مواجهة أزمة "اليورو" معتبراً أن مأزق العملة الأوروبية يكمن في أنها تحمل في طياتها بذور فشلها أصلاً. فمشكلة "اليورو" التي لا يراد الاعتراف بها هي أنه محكوم سلفاً بالاصطدام مع معطيات الواقع الاقتصادي الأوروبي. وأما الحلول والتدابير الترقيعية التي اتخذت مؤخراً لتعويم الدول الغارقة في الديون فلا شيء يثبت فعاليتها، ولا جدواها. وأكثر من هذا أن ضخ الأموال في صندوق دعم الاستقرار المالي ووصفات صندوق النقد الدولي التي قيل إن الهدف منها مساعدة اليونان وإيرلندا، تبين أنها مكلفة بشكل لا يطاق. فبعد 100 مليار "يورو" أقرضت لليونان، ها هي 85 ملياراً أخرى تجمع لإيرلندا. وأخطر ما في الأمر أن هذه الأموال الهائلة لا تدفع للتضامن مع الشعوب المعنية، بل على العكس تقرن بإلزام الدول ببعض الوثوقيات والمعايير النقدية التي تضيق الخناق على مختلف أشكال الإنفاق العام. السلام: مقاربة جديدة في افتتاحية لصحيفة لوفيغارو حلل الكاتب بيير روسلين دلالات رسالة أصدرها أكثر من عشرين مسؤولاً أوروبيّاً سابقاً، بينهم رؤساء، ورؤساء وزراء، ووزراء، ومفوضون أوروبيون سابقون، ودعوا فيها الاتحاد الأوروبي إلى تنفيذ ما جاء في الرؤية الأوروبية لعملية السلام في الشرق الأوسط التي تم الإعلان عنها في مثل هذه الأيام قبل سنة، والتي اشتملت على 12 نقطة لتوصيف ما ترى أوروبا وجوب اتخاذه من تدابير لإعادة إطلاق عملية السلام. وبعد إعادة التذكير بنقاط الرؤية الأوروبية للتسوية، يقول الموقعون: "إننا نعتقد أن على الاتحاد الأوروبي أن يعلن في اجتماعه في ديسمبر الجاري عن موعد محدد سيترتب بعده اتخاذ تدابير عقابية (ضد من يعرقل عملية السلام). ويمكن للاتحاد مثلاً التأكيد على أنه ما لم يحدث تقدم في العملية من هنا وحتى اجتماعه المقبل في أبريل 2011 فهذا لن يترك له فرصة سوى إحالة الأمر إلى المجتمع الدولي" في تهديد مبطن للجانب الإسرائيلي. ومن جانبها نشرت لوموند افتتاحية بعنوان "الشرق الأوسط: على واشنطن تغيير الطريقة" قالت فيها إن أوباما الذي تميزت بداية عهده بسرعة الانخراط في مساعي إيجاد حل لصراع الشرق الأوسط، يجد نفسه الآن مجدداً بعد مرور سنتين وقد عاد إلى المربع الأول. وقد سعى في البداية إلى استعادة دور الوسيط المحايد، بعدما وصل الموقف الأميركي عند سلفه بوش إلى حالة من الانحياز غير المشروط إلى جانب إسرائيل، ولذلك عمل بدأب وتوازن من أجل الاكتفاء بجمع الفلسطينيين والإسرائيليين على طاولة مفاوضات يقررون هم وحدهم عليها التوافقات الممكنة فيما بينهم. ولكن يمكن القول الآن إن أوباما أخفق في مسعاه بشكل واضح، تقول الصحيفة. فحصيلة العامين من الجهد المضني المتواصل كانت لا شيء تقريباً، باستثناء تبادل مصافحات استعراضية بين الطرفين، وبذلك كانت السنتان، سنتين ضائعتين، بكل المقاييس. وقد تكشف هذا الأسبوع حجم الانسداد الذي وصلت إليه مساعي واشنطن، بإعلانها يوم الثلاثاء الماضي التخلي عن جهودها لإقناع نتنياهو بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية، وفي الأجزاء العربية من القدس. وأكثر من هذا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي صد بعناد حزمة الحوافز المذهلة التي تقدمت بها إدارة أوباما مقابل تجميد مؤقت للاستيطان. وقد أثبت نتنياهو بصلف أنه يفضل الاستيطان على السلام. وهو في عناده الحالي يراهن على فرص المناورة التي فتحها أمامه فوز "الجمهوريين" في الكونجرس الأميركي، ويراهن على معرفته العميقة بقواعد اللعبة الداخلية في كواليس واشنطن. ولا حاجة للتذكير بأن استمرار الاستيطان تنتفي معه فرص العودة إلى طاولة المفاوضات، كما أكد ذلك مراراً الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء سلام فياض، والمنطق الذي يستندان إليه في موقفهما بالغ الوضوح والبساطة: إذ كيف يمكن التفاوض على الأرض -التي ستقام عليها الدولة الفلسطينية- في ذات الوقت الذي يتم فيه وضع اليد عليها وتغيير الحقائق فوقها، خلال المفاوضات؟ وتنقل لوموند عن بعض كبار المسؤولين الأميركيين السابقين -مثل وارن كريستوفر، وبريجنسكي، وكيسنجر- دعوتهم لأوباما إلى تغيير مقاربته جذريّاً لكي يتمكن من تحقيق شيء على مسار التسوية. إذ يجب أن يمسك الرئيس الأميركي بزمام المبادرة، ويضع كل طرف أمام مسؤولياته. ولابد أولاً أن تضع واشنطن خطة على الطاولة، تقضي برسم الحدود، وتبادل الأراضي عند الاقتضاء، والتوافق حول موضوع القدس، وإيجاد حل سياسي ومالي لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، والتفاهم حول ترتيبات أمنية تضمن ألا تتحول الدولة الفلسطينية المستقبلية إلى قاعدة لإطلاق الصواريخ على إسرائيل. وبتقديم واشنطن لخطة محددة، تضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بكافة القضايا العالقة، ستصبح عقبة موضوع الاستيطان متجاوزة مع رسم الحدود: بحيث يصبح الاستيطان ممنوعاً في الأراضي المحددة فلسطينية ومسموحاً في الأراضي المحددة إسرائيلية. ويمكن لأوباما، بعد مرور وقت معين، تحويل خطته إلى مجلس الأمن، الذي يستطيع إضفاء طابع الشرعية الدولية والإلزام عليها، بما لا يسمح لنتنياهو بالتنكر لها. تسريبات ويكيليكس في افتتاحية صحيفة ليبراسيون تحدث الكاتب فرانسوا سيرجان عن التهم الموجهة لجوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس بشأن "اعتداءات جنسية" التي تم توقيفه في بريطانيا بسببها، مؤكداً أن البت في مصداقيتها شأن لا يعود أساساً إلى الصحافة. كما لا يوجد دليل قاطع حتى الآن يسمح بربط هذه التهم مع الهجمة التي يتعرض لها الموقع ومؤسسه على خلفية التسريبات المحرجة الأخيرة. ولكن ما لا يمكن نكرانه في الواقع هو أن ثمة فعلاً هجمة مضادة تستهدف ويكيليكس، ذات أبعاد قانونية، واقتصادية، ومالية، ومعلوماتية. وأخطر من هذا أنها حملة تشن دون الإعلان عنها، ووفق أسس قانونية غير صلبة. ولا شك أنه يمكن إثارة الجدل بشأن مصداقية شخص يزعم العمل من أجل إشاعة الشفافية، في حين أنه هو ذاته يحيط نفسه بسياج كثيف من السرية. كما يمكن إثارة ظاهرة مناهضة أميركا لدى أسانج التي لا يخفيها، وطريقته في استهداف النظم الديمقراطية تحديداً وإغفال النظم الديكتاتورية. وقد نتفق معه أو نختلف في هذا، يقول الكاتب، ولكن يجب، في كل الأحوال، أن نناضل من أجل ضمان حقه في حرية التعبير. ولا يخفى على أحد أن الحرب المعلنة الآن على ويكيليكس الهدف الحقيقي من ورائها هو إسكاته. ويختم الكاتب افتتاحيته بتسجيل والتذكير بآخر ما كتب أسانج بساعات قليلة قبل توقيفه: "إن المجتمعات الديمقراطية في حاجة ماسة إلى وسائل إعلام قوية، وموقع ويكيليكس ينتمي في النهاية إلى عالم وسائل الإعلام". إعداد: حسن ولد المختار