اختتمت أعمال الدورة الحادية والثلاثين لقمة مجلس التعاون الخليجي التي استضافتها أبوظبي، بإصدار بيان تعرض للقضايا التي ناقشها القادة مثل الاقتصاد والبيئة ومكافحة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله، وإضافة إلى قضايا فلسطين ولبنان والعراق والصومال وباكستان وإيران. كما تعرض البيان الختامي للقمة لقضية استمرار الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث، وأبدى القادة أسفهم لعدم إحراز أي تقدم في جهود الاتصال بإيران لإقناعها بالتوصل إلى حل لقضية الجزر، سواء عبر المفاوضات المباشرة أو باللجوء إلى محكمة العدل الدولية لحل القضية. وأبدى المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي تخوفه وقلقه من مستجدات الملف النووي الإيراني، حيث طالبت القمة بحل النزاع بالطرق السلمية وجعل منطقة الشرق الأوسط والخليج خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية. ورحب المجلس بالجهود الدولية التي تبذلها مجموعة (5+1) لحل الأزمة النووية سلمياً. بيان القمة الخليجية أكد على المواقف السابقة للمجلس والداعية إلى معالجة جدية للعلاقة مع إيران، رغم المستجدات الجديدة على الساحة الإيرانية، والتي من أهمها الحصار الذي فرضه مجلس الأمن الدولي والدول العظمى على إيران من خلال أربعة قرارات دولية خاصة بالبرنامج النووي الإيراني. أما التطور الآخر المهم، فهو هيمنة التيار المحافظ على السياسة في إيران بدعم من المرشد الأعلى والأجهزة الأمنية وأجنحة الحرس الثوري. ماذا تعني تلك التطورات الثورية في إيران بالنسبة للخليج والعالم؟ يعني ذلك بكل بساطة، أنه لا توجد فرص تفاوضية كبيرة لحل القضايا العربية المعلقة مع إيران، وتحديداً قضية الجزر الإماراتية والتسلح النووي، فالرئيس الإيراني يردد يومياً في خطاباته للشعب الإيراني أن "الحصار لا يؤثر على البلاد مطلقاً، وليزيدوه كما يشاؤون، إن من كان المولى عز وجل معه فلا تضيره الحصارات الأرضية". وفي مثل هذه الأجواء، تأتي التصريحات التي أطلقها أحد القادة الخليجيين لأحد الدبلوماسيين الأميركان، بأن "الإيرانيين يكذبون علينا ونحن نكذب عليهم"، لتمثل حقيقة واقعة... فالعرب لا يثقون بالسياسات الإيرانية والعكس صحيح، رغم تصريحات وزير الخارجية الإيراني الذي قال للمسؤولين الخليجيين إن "عصر القنبلة الذرية انتهى، ولا جدوى من القنبلة سوى الإبادة"، معتبراً أن واشنطن تذكي المخاوف من أن طهران تغذي سباقاً للتسلح في المنطقة، مضيفاً القول بأنه على دول الخليج جميعاً التعاون للتحكم في أمنها، ومؤكداً بأن بلاده لا تشكل تهديداً لجيرانها! وقد رد نظيره السعودي على هذه التصريحات بالقول إن إيران يجب أن تتخذ الخطوة الأولى لتبديد المخاوف منها. وما يهمنا التأكيد عليه هنا، هو أن دول الخليج العربية لا تملك رؤية استراتيجية موحدة لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة وتحديداً في العراق ولبنان وغزة ودول الخليج. والدول الخليجية، بدلاً من مواجهة ازدياد النفوذ الإيراني بعقلانية وجدية، أخذت منحى داخلياً بإبداء التخوف من ازدياد التأثير الإيراني. ولا ينكر أحد وجود صراع غير مباشر بين إيران والولايات المتحدة في المنطقة، وبمشاركة أطراف عربية. لكن من يريد مراقبة واحتواء النشاط الإيراني، عليه أن يعرف عن إيران من خلال مراكز متخصصة وليس بالاعتماد الكلي على الولايات المتحدة.